لأول مرة منذ أكثر من 3 أشهر، الريال اليمني يواصل استقراره في أسواق الصرف بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة. في بلد شهد انهيار عملته بنسبة 700% خلال العقد الماضي، يُعدّ هذا الإنجاز صموداً يغيّر معادلة الاقتصاد المحلي. هل سيستمر هذا الاستقرار النادر أم أنه مجرد هدوء ما قبل العاصفة؟ إليكم التفاصيل كاملة.
في تطور جديد، تمكن الريال اليمني من الحفاظ على استقراره للشهر الثالث على التوالي مقابل العملات الأجنبية، محققاً أسعاراً تتراوح بين 1617 و1630 ريال مقابل الدولار الأمريكي. هذا يعكس تراجعًا تاريخيًا لقيمة العملة اليمنية بنسبة 700% منذ عام 2015. "هذا الاستقرار إنجاز حقيقي في ظل الظروف الاستثنائية"، صرّح د. محمد الحضرمي، خبير اقتصادي شهير. يضيف تجار الصرافة أن صوت عد الأوراق النقدية في محلاتهم يشهد ضجيجاً أقل، مشيرين إلى طمأنينة في الأسواق لم تُشهد منذ سنوات الحرب. في الجهة الأخرى، يعبر أبو أحمد، تاجر من سوق كريتر، عن ارتياحه قائلاً: "أستطيع الآن التخطيط لمشتريات الأسبوع بثقة أكبر."
الاستقرار الحالي يأتي بعد سنوات من التقلبات الحادة التي شهدتها العملة الوطنية نتيجة الصراعات والأزمات الاقتصادية. تخطيط البنك المركزي الثابت في سياساته النقدية ساهم بشكل مباشر في تحقيق هذا الاستقرار النسبي، فيما يظل التحدي الأكبر هو مدى استدامة هذا الوضع في ظل الظروف السياسية المتغيرة. يعقد المتابعون آمالاً كبيرة على استمرار دعم الريال عبر سياسات اقتصادية عالية الأداء، بينما يظلون حذرين من أي مفاجآت محتملة قد تعيد العملية للخلف. "الأمر لا يتوقف عند الاستقرار وحسب"، يشير د. سالم باوزير، محافظ البنك المركزي السابق، "بل يجب أن يتبعه سياسيات تعزز من هذا الوضع ليكون مستداماً."
على الصعيد اليومي، يشهد المواطنون في عدن تحسناً ملحوظاً في تخطيطاتهم المالية، حيث أصبحت قدرتهم على تحديد النفقات بشكل دقيق أعلى من ذي قبل. هذا الاستقرار لا يقتصر فقط على الشعور بالأمان الاقتصادي، بل يفتح أيضاً آفاق جديدة للاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة. مع ذلك، تبقى الحذر مطلوباً، إذ لا زالت بعض التحديات قائمة مثل الحاجة إلى سياسة نقدية أكثر تنوعاً وقدرة على مواجهة الضغوط الخارجية، لا سيما في ظل ضعف تدفقات الحوالات الأجنبية. إلا أن فاطمة اليافعي، ربة منزل من عدن، تعرب عن شعور جديد بالأمان: "أخيراً أشعر بأنني أستطيع التخطيط للاحتياجات الأساسية لعائلتي بدون قلق من تقلب الأسعار."
في ختام هذا التقرير، تظهر علامات استفهام كبرى: هل سيستمر هذا الاستقرار طويل الأمد ليكون خطوة نحو بناء اقتصاد يمني أقوى؟ يظل الأمل حياً في نفوس اليمنيين، والرهان قائم على السياسات الاقتصادية الصحيحة التي ستدعم هذا الهدوء المفاجئ. لكن يبقى السؤال: "في بلد اعتاد على الصدمات، هل نجرؤ على الأمل في استقرار دائم؟" الآن، أكثر من أي وقت مضى، الكل يعقد الآمال على الاستراتيجيات القادمة للبنك المركزي وقدرته على حماية وإنعاش الاقتصاد المحلي.