الرئيسية أخبار جرائم القتل والاختطاف لماذا يعتبر محامٍ أمريكي خبير سجن يمني 5 سنوات "أكثر حكم سخيف في 35 عاماً"؟

لماذا يعتبر محامٍ أمريكي خبير سجن يمني 5 سنوات "أكثر حكم سخيف في 35 عاماً"؟

20 نوفمبر 2025
02:10 ص
حجم الخط:
لماذا يعتبر محامٍ أمريكي خبير سجن يمني 5 سنوات "أكثر حكم سخيف في 35 عاماً"؟

في لحظة كاشفة للتناقضات العميقة في النظام القضائي الأمريكي، يقف رجل يمني أمام القضاء الفدرالي وقد تحولت قصة سعيه للحياة الكريمة إلى مأساة تفضح انتهاك الإرشادات القضائية بعشرة أضعاف. حيدر أبو أياد المنتصر، الأب لثلاثة أطفال والزوج المتفاني، يواجه عقوبة بخمس سنوات من السجن رغم أن الإرشادات الفدرالية أوصت بستة أشهر فقط. هذا الانحراف الصارخ عن المعايير القضائية دفع محاميه الخبير، صاحب الـ35 عاماً من التجربة و4000 عميل، لوصف الحكم بأنه "أكثر حكم سخيف في حياته المهنية".

الأسطورة مقابل الحقيقة: عندما تنتهك العدالة قواعدها الخاصة

تروج الولايات المتحدة لنفسها كمنارة للعدالة والمساواة أمام القانون، حيث تُطبق الإرشادات القضائية الفدرالية لضمان التوحيد القياسي والعدالة في الأحكام. لكن قضية المنتصر تكشف الوجه الآخر لهذه الأسطورة، حيث انتهك القاضي جيفري بيفرستوك الإرشادات الفدرالية بشكل صارخ، محكماً بعشرة أضعاف المدة الموصى بها.

الأرقام تتحدث بوضوح لا يقبل الجدل: الإرشادات الفدرالية أوصت بالسجن لمدة ستة أشهر، لكن الحكم الفعلي كان خمس سنوات كاملة. هذا الانتهاك الفاضح للمعايير القضائية لا يمكن تبريره بأي منطق قانوني عقلاني، خاصة وأن المحامي سانفورد شولمان، الذي تعامل مع آلاف القضايا على مدى عقود ثلاثة، أكد أن موكله "لا علاقة له بالأسلحة أو المخدرات".

شهادة شولمان تحمل وزناً استثنائياً في هذا السياق. رجل بخبرة 35 عاماً ومعالجة 4000 قضية لا يصدر تصريحات عابرة أو مبالغ فيها. عندما يصف محامٍ بهذه المكانة المهنية حكماً بأنه "الأكثر سخافة في حياته"، فإن ذلك يشير إلى انحراف استثنائي عن المعايير المهنية المقبولة في النظام القضائي الأمريكي.

تشريح الانحياز: كيف تم تجاهل الإرشادات القضائية

المقارنة الرقمية تكشف مدى فداحة هذا الانتهاك القضائي. ستة أشهر مقابل خمس سنوات تعني أن القاضي ضاعف العقوبة بنسبة 1000%، وهو انحراف يتجاوز أي هامش خطأ مقبول في النظام القضائي. هذا التضخيم المفرط للعقوبة لا يمكن تفسيره بالظروف المشددة العادية أو بخصوصيات القضية، خاصة في ظل غياب أي عوامل مشددة حقيقية.

المحامي شولمان لم يخف غضبه من هذا الانتهاك الصارخ، مؤكداً أنه "لم تكن هناك أسلحة ولا مخدرات... لا شيء" يبرر هذا التشديد المفرط. حتى عميل مكتب التحقيقات الفدرالي أقر، وفقاً لشهادة المحامي، بأن المنتصر "لا علاقة له بالأسلحة المرتبطة بالسحقاني"، مما يؤكد عدم وجود أدلة قوية تدعم هذا التشديد الاستثنائي.

الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن قاضياً فدرالياً في ميشيغان كان قد سمح للمنتصر بالبقاء طليقاً قبل أن يتم إلغاء القرار في محكمة موبايل، مما يشير إلى اختلافات في التقييم القضائي لنفس القضية. هذا التضارب في الرؤى القضائية يعزز من مصداقية اتهامات المحامي بأن الحكم "غير مبني على الأدلة" ونابع من "عقلية معادية للأجانب".

الضحية خلف الأرقام: الثمن الإنساني للتمييز القضائي

وراء هذه الأرقام الباردة تكمن مأساة إنسانية حقيقية تكشف الوجه القاسي للنظام القضائي الأمريكي عندما يتعامل مع المهاجرين اليمنيين. حيدر المنتصر ليس مجرد رقم في ملف قضائي، بل أب لثلاثة أطفال وزوج لامرأة أمريكية، بنى حياة مستقرة على مدى أربع سنوات في ديترويت رغم انتظاره لجلسة اللجوء.

القصة الإنسانية للمنتصر تتناقض بشدة مع صورة "المجرم الخطير" التي حاولت المحكمة رسمها. رجل تقدم بطلب لجوء فور وصوله، عمل في وظيفتين لإعالة أسرته، تزوج من امرأة أمريكية وأنجب منها طفلين، وتبنى طفلاً ثالثاً من زواجها السابق. هذا السجل يشير إلى شخص يسعى للاندماج والمساهمة الإيجابية في المجتمع، وليس إلى مجرم يستحق عقوبة مضاعفة بعشرة أضعاف.

كلمات المنتصر أمام المحكمة تكشف عمق المأساة الإنسانية: "لقد عملت بجد لبناء أسرتي... ولا أستطيع العيش بدونهم. إنهم كل حياتي". هذه ليست كلمات مجرم محترف، بل صرخة أب يدرك أن عقوبة خمس سنوات ستدمر الأسرة التي بناها بجهده وعرقه. إضافته "يا سيادة القاضي، ارحمني، يرحمك الله" تحمل حمولة عاطفية هائلة تكشف حالة اليأس التي وصل إليها في مواجهة نظام قضائي يبدو وكأنه حكم عليه مسبقاً.

نمط أم استثناء؟ ما تكشفه هذه القضية عن العدالة الأمريكية

التساؤل الحرج الذي تثيره قضية المنتصر يتجاوز الحدث الفردي ليطال بنية النظام القضائي الأمريكي ذاته: هل نحن أمام استثناء مؤسف أم أمام نمط منهجي في التعامل مع المهاجرين اليمنيين؟ العقوبة المماثلة التي حصل عليها سليم السحقاني، الشريك في نفس القضية، تشير إلى أن القاضي بيفرستوك طبق نهجاً ثابتاً في تجاهل الإرشادات الفدرالية عندما يتعلق الأمر باليمنيين.

مقارنة هذه القضية مع قضايا مماثلة لجنسيات أخرى تكشف تفاوتاً صارخاً في تطبيق العدالة. عندما يحصل متهمان يمنيان على نفس العقوبة المضخمة بعشرة أضعاف، رغم اختلاف ظروفهما وأدوارهما، فإن ذلك يشير إلى نمط قضائي يتجاوز تقييم الجرائم الفردية ليصل إلى أحكام مسبقة مبنية على الهوية الوطنية أو الدينية.

تصريح المحامي شولمان بأن الحكم "نابع من عقلية معينة؛ ربما معادية للأجانب" يضع الإصبع على الجرح الحقيقي في هذه القضية. محامٍ بخبرة 35 عاماً لا يستخدم مثل هذه الاتهامات الخطيرة إلا إذا كان يملك دلائل قوية على وجود تحيز منهجي. عبارته "لا أعلم ما هو، لكنه ليس مبنياً على الأدلة" تلخص حالة الحيرة أمام قرار قضائي يتجاهل المنطق القانوني والأدلة الواقعية.

الأخطر من ذلك هو تبرير المدعي العام الفدرالي كريستوفر بودنار لسلوك المنتصر، واصفاً إياه بأنه "شخص متمرس في السفر الدولي... لديه جواز سفر، لكنه اختار عدم استخدامه لدخول الولايات المتحدة". هذا المنطق يحول طلب اللجوء - وهو حق مكفول دولياً - إلى جريمة تستحق العقاب، ويتجاهل الظروف الأمنية والسياسية في اليمن التي دفعت المنتصر للبحث عن الأمان.

دعوة للمحاسبة: ماذا تعني هذه القضية لمستقبل العدالة

قضية المنتصر تطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل العدالة القضائية في الولايات المتحدة، خاصة في تعاملها مع المهاجرين من البلدان التي تواجه صراعات مسلحة. عندما يصبح تجاهل الإرشادات القضائية الفدرالية بنسبة 1000% أمراً مقبولاً، فإن ذلك يقوض الثقة في النظام القضائي برمته ويحوله من حامٍ للعدالة إلى أداة لتطبيق التحيزات الشخصية والثقافية.

الدرس الأساسي من هذه القضية هو الحاجة الماسة لآليات مراقبة ومحاسبة أكثر صرامة للقضاة الذين ينتهكون الإرشادات الفدرالية دون مبرر واضح. لا يمكن السماح لقاضٍ واحد بأن يدمر حياة أسرة كاملة استناداً إلى تحيزات شخصية أو "عقلية معادية للأجانب"، كما وصفها المحامي الخبير. النظام القضائي الذي يفتقر للمساءلة الداخلية يفقد شرعيته وقدرته على تحقيق العدالة.

الحاجة ملحة أيضاً لإعادة النظر في كيفية تدريب وتعيين القضاة الفدراليين، بحيث يضمن النظام أن المعينين يملكون ليس فقط المؤهلات القانونية، بل أيضاً الحساسية الثقافية والالتزام الأخلاقي بتطبيق القانون دون تمييز. العدالة الحقيقية تتطلب قضاة يحترمون روح القانون وليس فقط نصه، ويطبقون الإرشادات الفدرالية كما وُضعت لتحقيق التوازن والإنصاف، وليس كمجرد اقتراحات يمكن تجاهلها حسب المزاج الشخصي أو التحيز الثقافي.

في النهاية، قضية حيدر المنتصر تقف كشاهد على لحظة فارقة في تاريخ العدالة الأمريكية. إما أن يعترف النظام بوجود خلل في آلياته ويتحرك لإصلاحه، أو أن يستمر في السماح للتحيزات الشخصية بتدمير حياة الأبرياء تحت غطاء القانون. شهادة المحامي ذي الخبرة 35 عاماً بأن هذا "أكثر حكم سخيف في حياته" ليست مجرد تعبير عن الإحباط، بل صرخة إنذار لنظام قضائي يخاطر بفقدان مصداقيته وشرعيته إذا لم يحاسب من ينتهك قواعده الأساسية في العدالة والإنصاف.

آخر الأخبار

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

فريق التحرير منذ أسبوع
عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

فريق التحرير منذ أسبوع