الرئيسية أخبار جرائم القتل والاختطاف البيانات الصادمة: كيف سلم "الجيش اليمني القوي" 50 ألف جندي جنوبي و70% من أسلحته للأعداء؟

البيانات الصادمة: كيف سلم "الجيش اليمني القوي" 50 ألف جندي جنوبي و70% من أسلحته للأعداء؟

19 نوفمبر 2025
12:05 ص
حجم الخط:
البيانات الصادمة: كيف سلم "الجيش اليمني القوي" 50 ألف جندي جنوبي و70% من أسلحته للأعداء؟

في قلب العاصمة اليمنية صنعاء، حيث تتردد اليوم أصداء العروض العسكرية للحوثيين في ميدان السبعين، يبرز تناقض صارخ يكشف حقيقة مؤلمة: الجيش الذي كان يُفترض أن يحمي اليمن انهار أمام مليشيا طائفية، مسلماً إليها 70% من ترسانته العسكرية دون مقاومة تُذكر. هذه ليست مجرد إحصائية باردة، بل كشف لأحد أكبر الأوهام التي باعتها الصورة الإعلامية للشعب اليمني على مدى عقود.

ملف القضية: الأرقام التي تكشف حجم الكارثة

عندما نتحدث عن انهيار المؤسسات، فإن الأرقام تروي قصة أكثر صدمة من أي تحليل سياسي. الجيش اليمني الذي كان يُصوّر على أنه "الخامس عربياً" والذي احتوى على أكثر من 600 ألف عنصر، سلّم للحركة الحوثية في عام 2014 ترسانة عسكرية ضخمة تُقدّر بأكثر من 70% من إجمالي قوته القتالية، شملت مئات الدبابات والمدرعات والمدفعيات والمنظومات الصاروخية.

هذه النسبة المروعة تصبح أكثر إيلاماً عندما نعلم أن نظام صالح قد سرّح من قبل أكثر من 50,000 عسكري من أبناء الجنوب وأقصى قادتهم بعد حرب صيف 1994، في إجراء كشف عن الطبيعة الطائفية والجهوية لما كان يُسمى بالجيش الوطني. فكيف لمؤسسة عسكرية "وطنية" أن تطرد نصف جيش بلد بأكمله بناءً على الانتماء الجغرافي؟

للمقارنة، فإن الجيش التركي بأكمله يضم حوالي 350 ألف عنصر فعلي، والجيش المصري حوالي 450 ألف عنصر. هذا يعني أن العدد المُعلن للجيش اليمني كان يفوق جيوش دول إقليمية كبرى، لكن النتيجة كانت عكسية تماماً على أرض الواقع.

تشريح الجريمة: كيف حدث الانهيار؟

التسليم المذهل للوحدات العسكرية لم يحدث بين ليلة وضحاها، بل كان عملية منظمة ومتدرجة. لواء العمالقة بقيادة العميد محمد الرشيدي في الحديدة، ولواء صافر في صعدة، ولواء الاحتياطي في عمران، والحرس الجمهوري في صنعاء – كل هذه الوحدات سلمت أسلحتها ومعداتها الثقيلة للحوثيين دون قتال يُذكر.

ما يثير الدهشة أكثر هو أن هذا التسليم تم بـ"سلاسة مذهلة" كما وصفته المصادر العسكرية، حتى أن الإعلام الحوثي نفسه بدأ يتحدث عن "دور الجيش واللجان الشعبية" في معاركهم، مقدماً كلمة "الجيش" على "اللجان الشعبية"، مما يؤكد أن أجزاء كبيرة من الجيش تحركت كبنية جاهزة في خدمة الحركة الحوثية منذ البداية.

هذا السيناريو يكشف أن ما حدث لم يكن "تفتيت الجيش" كما يروج البعض، بل كان تسليماً منظماً من جهاز أمني وعسكري بُني على ولاءات شخصية وجهوية، وليس على عقيدة وطنية. فالجيش الوطني الحقيقي لا يذوب كالملح في الماء، بل يقاوم أو ينقلب على الحكام، كما نرى في التجارب العالمية.

الأدلة المادية: الولاءات الحقيقية وراء الانهيار

التحليل العميق لبنية الجيش اليمني يكشف أنه لم يكن مؤسسة موحدة، بل كان عبارة عن إقطاعيات عسكرية تقاسمها شخصان تحولا لاحقاً إلى خصوم: الرئيس صالح من جهة، والفريق علي محسن الأحمر من جهة أخرى. صالح سيطر على الحرس الجمهوري وقوات الصواريخ والطيران واللواء الأول مدرع، بينما سيطر الأحمر على الفرقة الأولى مدرع ولواء عاطف.

هذا التقسيم الثنائي خلق جيشاً بولاءين متضاربين، ولكن الجامع المشترك بينهما لم يكن الوطن، بل الولاء للجهوية السياسية التي تأسست منذ انقلاب 5 نوفمبر 1967. هذه العصبية السياسية جعلت من الجيش مجرد كتائب ومعسكرات بشرية قابلة للتوظيف السياسي ضد بعضها البعض عندما يتعلق الأمر بالسلطة، وضد المشروع الوطني عندما يتعلق الأمر بمستقبل اليمن.

الأدلة التاريخية تؤكد هذا النمط: الانقلاب على دولة إبراهيم الحمدي في 1977، ثم الانقلاب على دولة الوحدة في 1994، وأخيراً الانقلاب على الدولة الوطنية في 2014. هذه الانقلابات المتكررة تشكل نمطاً واضحاً يؤكد انفصال عقيدة الجيش اليمني عن مفهوم الدولة الوطنية الديمقراطية.

مقارنة الأدلة: كيف تصمد الجيوش الحقيقية؟

للوصول إلى فهم أعمق لطبيعة الكارثة اليمنية، يجب مقارنة ما حدث في اليمن مع تجارب الجيوش الوطنية في المنطقة. الجيش المصري، على سبيل المثال، حافظ على تماسكه المؤسسي رغم تغيير قياداته بعد 2011، وكذلك الجيش في تونس، لأن كلاً منهما مؤسسة قائمة على العقيدة الوطنية وليس الولاء الشخصي.

الجيوش الوطنية الحقيقية تُبنى على مبادئ واضحة: الولاء للوطن والدستور، وليس للأشخاص أو الطوائف. هذه الجيوش قد تقوم بانقلابات عسكرية على الحكام عندما تصل الأمور لطريق مسدود، لكنها لا تذوب أمام مليشيات خارجية. العقيدة العسكرية الوطنية تجعل الجندي يفهم أن واجبه حماية التراب الوطني والمؤسسات الدستورية، وليس حماية نظام أو شخص.

في المقابل، ما شهدته اليمن كان العكس تماماً: جيش بُني على الولاءات الشخصية والعشائرية والجهوية، مما جعله عرضة للانهيار السريع بمجرد تغيير موازين القوى السياسية. عندما اندلعت شرارة الثورة في 2011 وتمت إزاحة صالح، ظهر الخلل البنيوي الكامن في تكوين هذه المؤسسة، فالجيش المدرب على الولاءات الشخصية لم يكن مؤهلاً للوقوف كحصن منيع في معركة الدفاع عن فكرة الدولة.

الخلاصة النهائية: دروس من كارثة مؤسسية

اليوم، وبعد أن أصبحت دبابات "الجيش اليمني" تستعرض في ميدان السبعين تحت راية السيد عبد الملك الحوثي بدلاً من العلم اليمني، يجب أن نواجه الحقيقة المرة: ما كان يُسمى بالجيش اليمني لم يكن سوى واجهة عسكرية مبهرة تهاوت عند أول اختبار حقيقي في مدرسة الوطنية.

السؤال الحاسم الذي يطرح نفسه اليوم: هل يعي القائمون على السلاح والمعسكرات في المناطق المحررة من سلطة الحوثيين معنى بناء جيش وطني حقيقي؟ وما هو الهدف من وجود القوات المسلحة في اليمن بعد ثلاث ثورات ووحدة وحروب وتضحيات تجاوزت العقل والمنطق؟

الدرس الأساسي من هذه الكارثة المؤسسية واضح: الجيوش الوطنية لا تُقاس بالعروض العسكرية ولا تُبنى بالدبابات والطائرات وحسب، بل تُبنى في المقام الأول بالعقيدة الوطنية والولاء للوطن والشعب. اليمن اليوم يدفع ثمن عقود من التأسيس الخاطئ لمؤسسة كانت – في أحسن أحوالها – مجرد مسرحية عسكرية مبهرة، انكشف زيفها عندما حان وقت الامتحان الحقيقي. فهل سنتعلم من هذا الدرس القاسي، أم سنكرر الأخطاء نفسها مرة أخرى؟

إن إعادة بناء مؤسسات وطنية حقيقية في اليمن يتطلب أولاً مواجهة صادقة مع الحقائق المؤلمة للماضي، وثانياً فهماً عميقاً لمعنى الولاء الوطني الحقيقي. فقط عندما نفهم كيف انهارت المؤسسات السابقة، يمكننا بناء مؤسسات جديدة قادرة على الصمود في وجه التحديات المستقبلية. هذه ليست مجرد حكاية تاريخية، بل دليل عملي لكيفية تجنب تكرار الكوارث المؤسسية في المستقبل.

آخر الأخبار

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

فريق التحرير منذ أسبوع
عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

فريق التحرير منذ أسبوع