الرئيسية أخبار جرائم القتل والاختطاف لماذا وصول 90 مليون دولار لعدن يعني أن على كل يمني مراقبة ما سيحدث في الـ6 أشهر القادمة

لماذا وصول 90 مليون دولار لعدن يعني أن على كل يمني مراقبة ما سيحدث في الـ6 أشهر القادمة

18 نوفمبر 2025
09:05 م
حجم الخط:
لماذا وصول 90 مليون دولار لعدن يعني أن على كل يمني مراقبة ما سيحدث في الـ6 أشهر القادمة

في عاصمة مؤقتة تكافح للبقاء، وبينما تتزايد أصوات المواطنين المطالبة برواتبهم المتأخرة منذ أشهر، وصل إلى عدن مؤخراً مبلغ 90 مليون دولار من المنحة السعودية البالغة 368 مليون دولار. هذا المبلغ، رغم ضآلته مقارنة بحجم الأزمة، قد يمثل الفرصة الأخيرة لاختبار قدرة الحكومة اليمنية على تنفيذ إصلاحات حقيقية قبل فوات الأوان. فمع 80% من السكان تحت خط الفقر و47% منهم يعيشون في فقر مدقع، تبدو الأشهر الستة القادمة حاسمة في تحديد مصير بلد بأكمله يقف على حافة الانهيار الكامل.

الخطوة الأولى: فهم حجم التحدي والفرصة المتاحة

الأرقام التي كشف عنها الخبراء الاقتصاديون تكشف عن واقع مأساوي يتطلب تدخلاً عاجلاً. فبحسب الدكتور إيهاب القرشي، الباحث في الشؤون الاقتصادية، تحتل اليمن المركز 141 من أصل 146 دولة في مؤشر التعاسة، والمركز 185 من أصل 191 دولة في التنمية البشرية، مع تراجع مستوى التنمية البشرية إلى ما يقارب أربعين سنة إلى الوراء.

هذا التدهور الكارثي لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة للانقلاب الحوثي المستمر منذ أكثر من 11 عاماً، والذي هدم المجتمع اليمني اقتصادياً واجتماعياً. في مناطق سيطرة الحوثيين، تستمر الجماعة في نهب موارد الدولة لبناء اقتصاد موازي، ما يحرم المواطنين من الخدمات والموظفين من الرواتب، ويدفع الملايين نحو مستويات غير مسبوقة من انعدام الأمن الغذائي.

في هذا السياق، تأتي المنحة السعودية البالغة 368 مليون دولار، والتي تم إيداع 90 مليون دولار منها في المركزي بعدن، كبصيص أمل وسط هذا الظلام. لكن السؤال المحوري هو: هل ستكفي هذه المنحة لإحداث التغيير المطلوب، أم أنها مجرد مسكن مؤقت لأزمة عميقة؟ الإجابة تكمن في كيفية استخدامها والإصلاحات المصاحبة لها.

ما الذي يجب على كل مواطن مراقبته: مؤشرات النجاح والفشل

أول المؤشرات الملموسة لنجاح استخدام المنحة هو انتظام صرف الرواتب. فبعد تأخر دام أربعة أشهر، بدأت الحكومة صرف رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين بفضل الـ90 مليون دولار المودعة. لكن الاختبار الحقيقي سيكون في استمرارية هذا الصرف خلال الأشهر القادمة دون انقطاع، وليس مجرد دفعة استثنائية.

المؤشر الثاني يتعلق بتحسن الخدمات الأساسية، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والكهرباء. فإذا لم تشهد هذه القطاعات تحسناً ملموساً خلال الثلاثة أشهر القادمة، فهذا يعني أن الأموال لم تُوجه للأولويات الصحيحة. كما يجب مراقبة استقرار سعر الصرف وتوفر السلع الأساسية في الأسواق، فهذان المؤشران يعكسان مدى نجاح السياسات النقدية والمالية المصاحبة للمنحة.

أما علامات الإنذار المبكر للفشل فتشمل استمرار تأخير الرواتب بعد الدفعة الأولى، وتفاقم نقص الوقود والدواء، وزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية دون تطوير مصادر دخل محلية. كذلك، إذا لم تنجح الحكومة في استعادة السيطرة على موانئ تصدير النفط أو إيجاد بدائل للإيرادات المفقودة، فإن تأثير المنحة سيكون مؤقتاً وسطحياً.

خريطة طريق للمواطن: كيف تساهم في نجاح الإصلاحات

الرقابة الشعبية تبدأ من المستوى المحلي، حيث يمكن للمواطنين مراقبة وصول الخدمات الأساسية إلى أحيائهم ومناطقهم. الاستفسار لدى المديريات المحلية حول خطط توزيع الرواتب والخدمات، وتوثيق أي تأخير أو نقص، يشكل خط الدفاع الأول ضد سوء الاستخدام. كما يمكن للمواطنين تشكيل لجان مراقبة محلية غير رسمية لمتابعة تنفيذ المشاريع والخدمات في مناطقهم.

استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل بناء لمشاركة المعلومات حول واقع الخدمات في المناطق المختلفة يساعد في خلق صورة شاملة عن مدى نجاح الإصلاحات. لكن الأهم هو التمييز بين الانتقاد البناء والتحريض المدمر، فالهدف هو تحسين الأداء وليس إسقاط الجهود الإصلاحية.

دور المجتمع المدني والإعلام المحلي حاسم في هذه العملية. المطلوب هو رقابة ذكية تركز على النتائج المتحققة على أرض الواقع، وليس الانجرار للاستقطاب السياسي. الصحافة المحلية يمكنها لعب دور مهم في توثيق التطورات ومتابعة تنفيذ الوعود، بينما منظمات المجتمع المدني قادرة على تقديم تقارير دورية حول مؤشرات الأداء الاقتصادي والاجتماعي.

سيناريوهات الأشهر الستة القادمة: ماذا تتوقع وكيف تستعد

السيناريو الإيجابي يتضمن انتظام صرف الرواتب شهرياً، مع تحسن تدريجي في توفر الخدمات الأساسية بحلول الشهر الثالث. في هذا السيناريو، نتوقع استقرار سعر الصرف نسبياً، وانخفاض معدلات التضخم، وعودة بعض النشاط التجاري للأسواق المحلية. كما قد نشهد بداية تنفيذ مشاريع صغيرة للبنية التحتية، خاصة في قطاعي الكهرباء والمياه.

السيناريو السلبي ينطوي على نفاد الدعم السعودي دون إحداث تغيير جوهري، مما يعيد البلاد لدائرة تأخير الرواتب وتدهور الخدمات بحلول الشهر الرابع أو الخامس. في هذه الحالة، قد نشهد موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية، وزيادة معدلات الهجرة، وتفاقم الأزمة الإنسانية، خاصة مع دخول 20% من المديريات المستوى الخامس من المجاعة.

السيناريو المختلط، وهو الأكثر واقعية، يشهد نجاحاً جزئياً في بعض المؤشرات وفشلاً في أخرى. قد ينتظم صرف رواتب القطاع المدني بينما يتأخر العسكري، أو تتحسن الخدمات في العاصمة المؤقتة عدن دون المحافظات الأخرى. في هذه الحالة، المطلوب هو البناء على النجاحات المحققة وتوسيعها تدريجياً، مع معالجة نقاط الفشل بشكل عاجل.

استراتيجيات البقاء للأسر تتطلب التنويع في مصادر الدخل وتجنب الاعتماد الكامل على الرواتب الحكومية. الاستثمار في المهارات والحرف اليدوية، وتكوين شبكات دعم مجتمعية، وترشيد النفقات، كلها خطوات ضرورية للتأقلم مع عدم اليقين الاقتصادي القائم.

خلاصة عملية: الخطوات التالية للمواطن الواعي

قائمة مراجعة شهرية للمؤشرات الاقتصادية الأساسية تشمل: انتظام صرف الرواتب، توفر الوقود والغاز المنزلي، استقرار أسعار السلع الأساسية، جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وتوفر فرص العمل المحلية. هذه القائمة تساعد في تكوين صورة واضحة عن اتجاه الأوضاع الاقتصادية شهرياً.

جهات الاتصال المفيدة تشمل مكاتب المحافظين، ومديريات الخدمات المحلية، والمنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة، ومكاتب الإعلام الحكومية للحصول على المعلومات الرسمية. كما يُنصح بمتابعة التقارير الاقتصادية الصادرة عن البنك المركزي ووزارة التخطيط للحصول على البيانات الرقمية الدقيقة.

ليصبح كل مواطن "رقيباً ذكياً" على الإصلاحات، يجب التركيز على الحقائق والنتائج الملموسة دون الانجرار للتحليلات السياسية المؤدلجة. المراقبة الفعالة تعني متابعة التطورات اليومية وربطها بالاتجاه العام، مع تجنب الأحكام المتسرعة أو التوقعات غير الواقعية. الهدف هو خلق ضغط شعبي إيجابي يدفع نحو تحسين الأداء والشفافية.

رسالة الأمل المشروط واضحة: الإصلاحات الاقتصادية ممكنة ولكنها تحتاج مشاركة شعبية واعية ومسؤولة. النجاح ليس مضموناً، لكن الفشل ليس محتوماً أيضاً. ما يحدث في الأشهر الستة القادمة سيحدد مسار اليمن للعقد القادم، وكل مواطن له دور في صناعة هذا المسار من خلال الرقابة الذكية والمشاركة البناءة في عملية التغيير المطلوب.

آخر الأخبار

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

فريق التحرير منذ أسبوع
عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

فريق التحرير منذ أسبوع