الرئيسية أخبار جرائم القتل والاختطاف لماذا يحتاج اليمن دعماً دولياً عاجلاً مع وصول 200 مهاجر أفريقي يومياً

لماذا يحتاج اليمن دعماً دولياً عاجلاً مع وصول 200 مهاجر أفريقي يومياً

17 نوفمبر 2025
12:55 م
حجم الخط:
لماذا يحتاج اليمن دعماً دولياً عاجلاً مع وصول 200 مهاجر أفريقي يومياً

يواجه اليمن تحدياً معقداً يتطلب فهماً عميقاً وعملاً سريعاً. في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة اليمنية للتعامل مع أزمات متداخلة، يصل 200 مهاجر أفريقي يومياً إلى البلاد، مما يضاعف الضغط على نظام صحي يعاني أساساً من أكبر أزمة تمويل في تاريخه. هذا ليس مجرد رقم إحصائي، بل يعكس تحدياً إنسانياً يتطلب نظرة متوازنة لفهم ما يحدث على الأرض والحلول المطلوبة عاجلاً من المجتمع الدولي.

المشكلة الأولى: نظام صحي على حافة الانهيار

الأرقام التي كشف عنها وزير الصحة اليمني قاسم بحيبح تحكي قصة أزمة متفاقمة. فالـ200 مهاجر الذين يصلون يومياً يعني وصول أكثر من 73 ألف شخص سنوياً يحتاجون خدمات صحية أساسية. هذا العدد يضاف إلى أكثر من 4 ملايين نازح يمني يفتقرون بالفعل إلى أبسط مقومات العيش الكريم، بما في ذلك المياه النظيفة والصرف الصحي والمأوى اللائق.

التحدي الأكبر يكمن في طبيعة النظام الصحي اليمني الحالي. نصف المرافق الصحية متوقفة كلياً أو جزئياً، وما يعمل منها يعمل بأقل من طاقته المفترضة. هذا الواقع يعني أن كل مريض إضافي يشكل ضغطاً مضاعفاً على نظام بات غير قادر على تلبية احتياجات مواطنيه الأساسية.

الذاكرة الوبائية تضيف بُعداً آخر للقلق. فقد شهد اليمن في السنوات الماضية موجة وباء الكوليرا التي انتقلت من خلال أحد المهاجرين من القرن الأفريقي، وأدت إلى إصابة الملايين ووفاة الآلاف. هذه التجربة تجعل من التدفق المستمر للمهاجرين دون ضوابط صحية مناسبة "قنبلة موقوتة" كما وصفها الوزير.

لكن الأمر لا يتوقف عند المخاطر الوبائية. فالنازحون اليمنيون أنفسهم يعيشون في مخيمات تفتقر إلى الخدمات الصحية الأساسية، مما يجعلهم عرضة للأمراض والمخاطر الصحية، خاصة الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والأمهات والنساء. هذا الوضع يرفع معدلات الوفيات ويهدد برامج الترصد الوبائي التي تعتبر خط الدفاع الأول ضد انتشار الأوبئة.

المشكلة الثانية: أزمة تمويل تاريخية

يعيش اليمن هذا العام أكبر أزمة تمويل للمشاريع الإنسانية والصحية منذ بدء الحرب قبل أكثر من 10 سنوات. هذه الحقيقة تعني أن الدعم الذي كان متاحاً في السنوات الماضية لم يعد كافياً لمواجهة التحديات المتزايدة.

النظام الصحي اليمني يعتمد بشكل كامل تقريباً على الدعم والمساعدات من الجهات المانحة الدولية. وبينما تتزايد الاحتياجات بسبب تدفق المهاجرين والنازحين، تتراجع الموارد المتاحة. هذه المعادلة الصعبة تخلق فجوة متنامية بين ما هو مطلوب وما هو متاح فعلياً.

المشكلة ليست في نقص الرغبة في المساعدة، بل في عدم توفر التمويل الكافي والمستدام. المنظمات الدولية نفسها تواجه تحديات في الحصول على الدعم المطلوب. فالمنظمة الدولية للهجرة مثلاً طلبت 58.5 مليون دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية، وهو مبلغ قد يبدو كبيراً لكنه في الواقع متواضع مقارنة بحجم الاحتياجات.

تأثير نقص التمويل لا يقتصر على جودة الخدمات فحسب، بل يمتد إلى توقف بعض المشاريع الحيوية. والتحذير الذي أطلقه وزير الصحة من أن توقف المشاريع أو تقليص التمويل سيؤدي مباشرة إلى تهديد حياة الناس وارتفاع مخاطر تفشي الأوبئة ليس مجرد تحذير دبلوماسي، بل حقيقة مؤكدة بالتجربة السابقة.

النهج اليمني: الإنسانية رغم الظروف الصعبة

في خضم هذه التحديات المعقدة، يبرز الموقف اليمني كنموذج للتعامل الإنساني مع الأزمات. فرغم الظروف القاسية التي يعيشها البلد، تؤكد الحكومة التزامها بالتعامل مع ملف الهجرة من منظور إنساني بحت، وتوفير الخدمات الصحية الأساسية لجميع المحتاجين دون تمييز بين يمنيين ومهاجرين ولاجئين.

هذا الموقف ليس مجرد بيان سياسي، بل ينعكس في التنسيق الجاري مع المنظمات الدولية لضمان حصول الجميع على الرعاية الصحية. الحكومة اليمنية تعمل مع المنظمة الدولية للهجرة وغيرها من المنظمات الدولية لإيجاد حلول عملية ومستدامة.

لكن هذا النهج الإنساني يأتي بثمن باهظ. فالموارد المحدودة أساساً تتوزع على عدد أكبر من المحتاجين، مما يعني أن الخدمات المقدمة للمجتمعات المضيفة قد تتراجع. هذا التوازن الصعب يتطلب دعماً دولياً حتى لا تتأثر جودة الخدمات للجميع.

القيم الإنسانية اليمنية التقليدية، التي تحترم الضيافة وتقدر كرامة الإنسان، تلعب دوراً مهماً في تشكيل هذا النهج. لكن هذه القيم وحدها لا تكفي لمواجهة أزمة بهذا الحجم والتعقيد. العنصر المفقود هو الدعم الدولي المتوازن والمستدام الذي يمكّن اليمن من الاستمرار في تقديم هذا النموذج الإنساني دون التضحية بمواطنيه.

الحلول العملية: ما يحتاجه اليمن من المجتمع الدولي

الحل الأول والأهم يكمن في توفير دعم مستدام طويل المدى للنظام الصحي اليمني. هذا الدعم لا يجب أن يكون مجرد مساعدات طارئة، بل استثمار حقيقي في بناء قدرات النظام الصحي وإعادة تأهيل المرافق المتوقفة. الهدف هو الوصول إلى نظام قادر على خدمة جميع المحتاجين دون تمييز.

الحل الثاني يتعلق بتعزيز برامج الترصد الوبائي ومكافحة الأمراض والاستجابة السريعة لها. هذه البرامج حيوية ليس فقط للصحة العامة في اليمن، بل للأمن الصحي الإقليمي والعالمي. الاستثمار في هذه البرامج يحمي الجميع من مخاطر انتشار الأوبئة عبر الحدود.

التمويل الإضافي العاجل للمشاريع الإنسانية يشكل الحل الثالث. هذا التمويل ضروري لسد الفجوة الحالية ومنع توقف المشاريع الحيوية. المبلغ المطلوب من المنظمة الدولية للهجرة (58.5 مليون دولار) يعتبر استثماراً متواضعاً مقارنة بحجم المخاطر التي يمكن تجنبها.

الحل الرابع يتطلب شراكة أقوى بين الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص. هذه الشراكة يجب أن تتجاوز تقديم المساعدات المؤقتة إلى بناء حلول مستدامة تعالج أسباب الأزمة وليس فقط أعراضها. العمل المشترك يمكن أن يحقق نتائج أفضل بكفاءة أعلى.

خاتمة: خيار بين الاستثمار في الحلول أو مواجهة كارثة إنسانية

الوضع في اليمن اليوم يضع المجتمع الدولي أمام خيار واضح: إما الاستثمار في الحلول العملية والدعم المستدام الآن، أو مواجهة كارثة إنسانية أكبر لاحقاً. الدعم العاجل المطلوب ليس مجرد مساعدة خيرية، بل استثمار حكيم في الاستقرار الإقليمي والأمن الصحي العالمي.

التأخير في تقديم الدعم المطلوب سيؤدي حتماً إلى تفاقم الأزمة. وقف المشاريع أو تقليص التمويل سيعني عملياً السماح بتدهور الوضع الصحي في بلد يقع في منطقة حساسة جغرافياً. العواقب ستتجاوز الحدود اليمنية لتطال الاستقرار الإقليمي والأمن الصحي الدولي.

اليمن، رغم كل التحديات، يُظهر روحاً إنسانية تستحق الدعم والتقدير. التعامل مع أزمة الهجرة الأفريقية بنهج إنساني، والحفاظ على التزام تقديم الخدمات للجميع دون تمييز، والتنسيق البناء مع المنظمات الدولية، كلها مؤشرات على استحقاق اليمن للدعم الدولي العادل والمستدام.

المجتمع الدولي مطالب اليوم بالاستجابة السريعة والفعالة. الاستثمار في النظام الصحي اليمني ودعم البرامج الإنسانية ليس فقط واجباً أخلاقياً، بل ضرورة استراتيجية لحماية الأمن والاستقرار الإقليمي. الخيار واضح: العمل الآن لحل الأزمة، أو مواجهة عواقب أكبر وأكثر تكلفة لاحقاً. الوقت ليس في صالح أحد، والحاجة ملحة لاتخاذ قرارات شجاعة ومسؤولة تليق بحجم التحدي الإنساني القائم.

آخر الأخبار

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

فريق التحرير منذ أسبوع
عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

فريق التحرير منذ أسبوع