الرئيسية أخبار جرائم القتل والاختطاف لماذا عودة شهلائي إلى صنعاء تعني أن على اليمنيين توحيد صفوفهم الآن

لماذا عودة شهلائي إلى صنعاء تعني أن على اليمنيين توحيد صفوفهم الآن

16 نوفمبر 2025
12:55 م
حجم الخط:
لماذا عودة شهلائي إلى صنعاء تعني أن على اليمنيين توحيد صفوفهم الآن

في صنعاء، حيث تتزايد معاناة المواطنين يوماً بعد يوم، تتكشف حقيقة صارخة: عودة القائد الإيراني عبد الرضا شهلائي إلى اليمن ليست مجرد حركة عسكرية عابرة، بل إعلان واضح عن أن إيران تراهن على اليمن كساحة تعويضية لخسائرها الإقليمية. وبينما تتصاعد الصراعات داخل المليشيا الحوثية على السلطة والمال، يدفع المواطنون الثمن غالياً في ظل اتساع رقعة الفقر والاحتقان الشعبي. هذه التطورات تطرح سؤالاً حاسماً: هل آن الأوان لليمنيين أن يتجاوزوا انقساماتهم ويواجهوا معاً تحديات مصيرية تهدد مستقبل بلادهم؟

الصورة الكبيرة: لماذا الآن؟

لفهم دوافع عودة شهلائي بعد عام كامل من الغياب، لا بد من النظر إلى الخريطة الإقليمية المتغيرة. فقدت إيران نفوذاً كبيراً في لبنان بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت حزب الله ومقتل أمينه العام حسن نصر الله، كما تراجع دورها في سوريا. هذا الفراغ الاستراتيجي دفع طهران للبحث عن ساحة بديلة تعوض بها خسائرها، ولم تجد أفضل من اليمن الذي يعاني أصلاً من تشرذم داخلي وضعف في البنى الأمنية.

التوقيت ليس صدفة. فعودة شهلائي تأتي في لحظة حرجة تشهد فيها مليشيا الحوثي أزمات متعددة: انكشاف أمني غير مسبوق أظهرته الضربات الإسرائيلية التي طالت قيادات بارزة، وصراع داخلي محتدم بين أجنحة المليشيا، وغياب مؤثر لشخصيات قيادية مثل وزير الداخلية عبد الكريم الحوثي منذ أغسطس الماضي. كل هذه العوامل خلقت حالة من الفوضى تحتاج إيران لضبطها بقبضة حديدية.

لكن الأهم من ذلك كله هو تأثير هذه التطورات على الحياة اليومية للمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين. فالصراعات على المال والسلطة لا تبقى في أروقة القصور، بل تنعكس مباشرة على توفر الخدمات الأساسية، وعلى الأسعار، وعلى الأمان في الشوارع. عندما تكون القيادات منشغلة بالاقتتال الداخلي، من يهتم بمعاناة الناس العاديين؟

الانكشاف والانقسام: حالة الضعف الداخلي

الانكشاف الأمني الذي تحدثت عنه المصادر ليس مجرد فشل تقني، بل أزمة ثقة عميقة هزت أسس المليشيا. لسنوات طويلة، بنت الجماعة صورتها على قدرتها على إفشال أي اختراق، وعلى تماسكها الداخلي. لكن الضربات الإسرائيلية التي أدت لمقتل رئيس حكومتها وتسعة وزراء ورئيس أركان قواتها، كشفت عن هشاشة مفضوحة في منظومتها الأمنية.

هذا الانكشاف لم يمر مرور الكرام على المناصرين والمؤيدين. فالثقة التي بناها الحوثيون عبر سنوات من الدعاية حول قوتهم وتماسكهم، تهتز اليوم أمام واقع يظهر ضعفهم وتشرذمهم. والأخطر من ذلك أن هذا الضعف ينعكس على قدرتهم على إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتهم، مما يخلق فراغات أمنية وإدارية تزيد من معاناة المواطنين.

الصراع الداخلي الذي تشهده المليشيا ليس مجرد خلافات شخصية، بل انعكاس لأزمة هيكلية أعمق. فالجماعة التي نشأت على أساس مقاومة الهيمنة الخارجية، تجد نفسها اليوم مقسمة بين أجنحة متصارعة، كل منها يسعى لحصة أكبر من الكعكة. وهذا الصراع يتم على حساب الوحدة الداخلية وعلى حساب الأهداف المعلنة التي رفعتها الجماعة في البداية.

الوجه الآخر: المعاناة الشعبية المتفاقمة

بينما تتصارع القيادات الحوثية على المناصب والنفوذ، يواجه المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم واقعاً مريراً من التدهور المعيشي. اتساع رقعة الفقر، كما أشارت المصادر، ليس مجرد رقم إحصائي، بل واقع يعيشه الملايين يومياً. أسر كاملة تعاني لتأمين قوت يومها، وأطفال يحرمون من التعليم والرعاية الصحية، وشباب يائس لا يجد فرص عمل أو أمل في المستقبل.

هذا الوضع المتردي لا ينفصل عن حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني. فعندما تكون القيادات منشغلة بصراعاتها الداخلية، وعندما تكون الأولوية لتأمين المواقع والنفوذ بدلاً من خدمة المواطنين، فإن النتيجة الحتمية هي تراجع الخدمات وتفاقم الأزمات المعيشية. والأخطر من ذلك أن هذا الوضع يخلق احتقاناً شعبياً متزايداً، قد ينفجر في أي لحظة.

الاحتقان الشعبي المتنامي يشكل تهديداً حقيقياً ليس فقط للمليشيا، بل للاستقرار في اليمن ككل. فالتاريخ يعلمنا أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية العميقة غالباً ما تؤدي إلى انفجارات اجتماعية لا يمكن التنبؤ بعواقبها. وفي بلد مثل اليمن، الذي يعاني أصلاً من انقسامات عديدة، فإن أي انفجار جديد قد يؤدي إلى مزيد من التشرذم والفوضى.

دروس التاريخ: عندما تكون الوحدة هي الحل

التاريخ اليمني حافل بالدروس المهمة حول قوة الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات الخارجية. في مواجهة الاحتلال العثماني، وأثناء مقاومة الاستعمار البريطاني، وحتى خلال محاولات الهيمنة الخارجية في العصر الحديث، نجح اليمنيون مراراً في تجاوز انقساماتهم القبلية والمناطقية عندما واجهوا تهديداً مشتركاً. هذه التجارب تثبت أن الشعب اليمني قادر على التوحد عندما يدرك خطورة الوضع.

في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، نجح اليمنيون في التخلص من الحكم الملكي المتخلف والاستعمار البريطاني، ليس بقوة السلاح وحدها، بل بقوة الوحدة الوطنية التي تجاوزت الخلافات المذهبية والقبلية. وفي السبعينيات والثمانينيات، استطاعت الأجيال اليمنية بناء دولة حديثة رغم التحديات الجمة، وذلك بفضل التماسك الاجتماعي والرؤية المشتركة للمستقبل.

حتى في التسعينيات، عندما تحققت الوحدة اليمنية عام 1990، كان ذلك ثمرة لإدراك عميق بأن التشرذم والانقسام لن يؤديا إلا للضعف والتبعية. رغم التحديات التي واجهتها التجربة الوحدوية، إلا أن المبدأ نفسه بقي صحيحاً: اليمن أقوى موحداً منه مقسماً. اليوم، وأمام تحديات أكبر وأعقد، تبدو الحاجة للوحدة الوطنية أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

نحو الوحدة: خطوات عملية ممكنة

البناء على هذا الإرث التاريخي الغني ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب إرادة حقيقية وخطوات عملية واضحة. أولى هذه الخطوات هي تحديد الأولويات المشتركة التي تهم كل اليمنيين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو المناطقية. مكافحة الفقر، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، وضمان الأمن الغذائي، كلها قضايا تتجاوز الخلافات الحزبية وتوحد اليمنيين حول أهداف مشتركة.

المجتمع المدني والقيادات الشعبية والدينية المعتدلة يمكن أن تلعب دوراً محورياً في هذا المسار. فهذه القوى تتمتع بثقة شعبية واسعة، وهي أقل تأثراً بالصراعات السياسية الضيقة. من خلال مبادرات مجتمعية للحوار والتقارب، يمكن بناء أسس جديدة للوحدة الوطنية تقوم على المصالح المشتركة والقيم الإنسانية العامة، بدلاً من الشعارات السياسية الجوفاء.

كما أن التركيز على التنمية المحلية والمشاريع التي تخدم المجتمعات مباشرة يمكن أن يكون نقطة انطلاق فعالة. عندما يرى المواطنون نتائج ملموسة تحسن حياتهم، سيدركون قيمة التعاون والوحدة. وعندما تنشأ مصالح اقتصادية مشتركة بين المناطق المختلفة، ستصبح الوحدة ضرورة عملية وليس مجرد شعار سياسي.

الحل الحقيقي يكمن في إدراك أن الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار رنان، بل ضرورة حياتية للخروج من دوامة الأزمات المتلاحقة. عودة شهلائي ومحاولات إيران لتعميق نفوذها في اليمن، والصراعات الداخلية في صفوف الحوثيين، والمعاناة الشعبية المتفاقمة، كلها تشير إلى حقيقة واحدة: لا يمكن لليمن أن ينجو من هذه المحنة إلا بوحدة أبنائه وتجاوزهم لخلافاتهم الصغيرة أمام التحدي الكبير. التاريخ يقدم الدروس، والواقع يفرض الخيارات، والمستقبل ينتظر قرار اليمنيين: إما الوحدة والنهوض، وإما التشرذم والسقوط.

آخر الأخبار

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

فريق التحرير منذ أسبوع
عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

فريق التحرير منذ أسبوع