الرئيسية أخبار جرائم القتل والاختطاف من آخر صحفي في اليمن يريد أن يشهد غداً لحظة العدالة؟

من آخر صحفي في اليمن يريد أن يشهد غداً لحظة العدالة؟

15 نوفمبر 2025
11:05 م
حجم الخط:
من آخر صحفي في اليمن يريد أن يشهد غداً لحظة العدالة؟

في صنعاء، تقف يسرى المياحي أمام مرآة الصباح، تتدرب على كلمات لا يجب أن تضطر أي زوجة لنطقها. "غداً قد يكون يوماً حاسماً"، تقول لنفسها، بينما صور أطفالها على الطاولة تحدق إليها صامتة، تذكرها بعام كامل من الانتظار والقلق بعيداً عن أبيهما. محمد دبوان المياحي، الصحفي والكاتب المعروف، يقضي عامه الثاني في الاحتجاز لدى مليشيا الحوثي، وغداً الأحد، ستعقد المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء جلسة الاستئناف التي قد تحدد مصيره.

في انتظار العدالة: قصة عائلة تقاوم بالأمل

منذ سبتمبر 2024، والعائلة تعيش كابوساً يومياً بدأ في 20 سبتمبر عندما اختُطف المياحي من منزله في صنعاء، بعد نشره مقالات ومنشورات انتقد فيها خطاب زعيم المليشيا وممارساتها. كان ذنبه الوحيد هو ممارسة حقه في التعبير عن الرأي، وهو حق كفلته كل المواثيق الدولية والإنسانية.

بعد شهور من الإخفاء القسري والتحقيق، أصدرت المحكمة في 24 مايو 2025 حكماً يقضي بسجنه لمدة عام ونصف، وتغريمه خمسة ملايين ريال يمني، مع إلزامه بتعهد خطي بعدم الكتابة مرة أخرى. لكن الأمر لم ينته هنا، فبينما كان المياحي يشارف على إنهاء مدة الحكم، تقدمت النيابة الخاضعة للمليشيا بطعن استئنافي تطالب فيه بتشديد العقوبة، بدعوى أن الحكم السابق "قليل" ولا يتناسب مع ما تعتبره "خطورة" منشوراته.

تنشر يسرى دعوتها على منصة فيسبوك بلغة تمزج بين الأمل واليأس: "حضور المتضامنين إلى جلسة المحكمة يعني الكثير للأسرة، ويمنح زوجها الأمل والشجاعة في هذه المحنة". إنها دعوة ليست مجرد نداء شخصي، بل رسالة لكل من يؤمن بحرية الصحافة والتعبير في اليمن.

غداً في المحكمة: لحظة حاسمة للصحافة اليمنية

ما يحدث غداً في قاعة المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء لن يقرر مصير محمد المياحي وحده، بل مصير الصحافة اليمنية برمتها. فطلب تشديد العقوبة يمثل سابقة خطيرة في استهداف الصحفيين، ويؤكد توظيف أجهزة القضاء لمعاقبة أصحاب الرأي المختلف. إنها رسالة ترهيب واضحة لكل صحفي يفكر في ممارسة عمله بحرية واستقلالية.

لقد شهدت اليمن خلال العقد الماضي تصاعداً مستمراً في انتهاكات حرية الصحافة، حيث تشير تقارير منظمة العفو الدولية إلى استمرار جميع أطراف الصراع في "سحق المعارضة وخنق المجتمع المدني"، مع استهداف خاص للصحفيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان. ما يجعل قضية المياحي ليست حالة فردية، بل جزءاً من نمط أوسع يستهدف حرية التعبير في البلاد.

الجلسة السابقة في نوفمبر تأجلت بسبب تغيب أحد أعضاء هيئة المحكمة، في ما وصفه قانونيون بـ"العبث الإجرائي" الذي يطيل أمد معاناة المياحي وأسرته. هذا التأجيل ليس مجرد إجراء إداري، بل تكتيك مقصود لإطالة المعاناة النفسية والجسدية للمحتجز وعائلته، في محاولة لكسر إرادتهم وثنيهم عن المطالبة بالعدالة.

قوة التضامن: كيف يصنع الحضور الفرق

التاريخ يعلمنا أن التضامن المهني والمجتمعي يمكن أن يكون له تأثير حقيقي على مجريات العدالة. في قضايا مشابهة حول العالم، نجد أن الحضور المكثف للزملاء والمتضامنين في قاعات المحاكم غالباً ما يرسل رسالة قوية للقضاة والرأي العام بأن المجتمع يراقب، وأن العدالة لن تمر في الظلام.

الحضور في المحكمة ليس مجرد إيماءة رمزية، بل فعل مقاومة سلمية ضد محاولات كتم الأصوات الحرة. عندما يملأ الصحفيون والحقوقيون قاعة المحكمة، فإنهم يذكرون القضاة بأن قراراتهم ستكون تحت المجهر، وأن التاريخ سيسجل موقف كل من وقف مع العدالة أو ضدها. كما أن هذا الحضور يوفر دعماً نفسياً ومعنوياً لا يقدر بثمن للمحتجز وأسرته.

دعوة يسرى المياحي للحضور ليست مجرد طلب مساعدة، بل دعوة لكل صحفي يمني للوقوف أمام السؤال الأساسي: من آخر صحفي في اليمن يريد أن يشهد غداً لحظة العدالة؟ إنه سؤال يتجاوز الحالة الفردية ليطرح قضية أساسية حول مستقبل المهنة ودور الصحفيين في الدفاع عن حقوقهم الجماعية.

ما وراء الجلسة: رسالة للمستقبل

بغض النظر عن نتيجة جلسة الغد، فإن قيمة التضامن تتجاوز اللحظة الراهنة. عندما يقف الصحفيون معاً في وجه الظلم، فإنهم يبنون تقليداً من المقاومة المهنية والأخلاقية سيستفيد منه الجيل القادم من الإعلاميين. كل صحفي يحضر غداً يساهم في كتابة فصل جديد من تاريخ النضال من أجل حرية التعبير في اليمن.

قضية المياحي تذكرنا بأن حرية الصحافة ليست منحة من السلطة، بل حق أساسي يجب الدفاع عنه باستمرار. في بلد مزقته الحروب وتعددت فيه السلطات، تصبح مهمة حماية هذا الحق أكثر صعوبة وأهمية. كل يوم يمر دون نضال جماعي من أجل هذا الحق هو يوم نخسر فيه جزءاً من مساحة الحرية المتبقية.

غداً الأحد، لن تنظر المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء في قضية فرد واحد، بل في مستقبل الصحافة اليمنية بأكملها. والسؤال الذي سيطرح نفسه على كل صحفي ومدافع عن حرية التعبير هو: أين ستكون عندما يحتاج زميلك إليك؟ الحضور غداً ليس مجرد دعم لمحمد المياحي وأسرته، بل استثمار في مستقبل مهنة نؤمن بقدرتها على تغيير الواقع وبناء مجتمع أكثر عدالة وحرية. ففي النهاية، قوة الصحافة لا تكمن في الأقلام والكلمات فحسب، بل في التضامن والوقوف المشترك ضد كل محاولات الإسكات والترهيب.

آخر الأخبار

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

فريق التحرير منذ أسبوع
عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

فريق التحرير منذ أسبوع