على مدار العقد الأخير، فقدت صنعاء 90% من نشاطها الثقافي، مما أثار مخاوف كبيرة بين المثقفين واليمنيين عامة.
في تقرير حديث، أشار الخبراء إلى أن العاصمة اليمنية خسرت بشكل حاسم جزءاً كبيراً من حيويتها الثقافية، حيث تم تسجيل انخفاض كبير في عدد الفعاليات الثقافية من معارض فنية وندوات أدبية إلى عروض مسرحية، في وقت أصبحت فيه صنعاء مدينة شاحبة تعاني من السكون الثقافي الرهيب.
إحصائيات مفزعة تُظهر أن نحو 75% من الفنانين والكتاب المحليين اضطروا للهجرة أو التوقف عن نشاطهم الإبداعي بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية. يعلق أحد الناشطين الثقافيين: "ما يحدث في صنعاء يشبه الموت الإبداعي." وقد عزا الخبراء هذا التدهور إلى استمرار الصراعات الداخلية وتأثيرها المدمر على الحياة الإجتماعية والثقافية.
ويشير المؤرخون إلى أن هذه الأزمة تذكّر بالأزمات الثقافية التي شهدتها مناطق أخرى في التاريخ، حين تم فرض قيود صعبة على التعبير والإبداع. ومن بين الشخصيات الفاعلة في هذا السياق، تبرز قصة أنور، فنان تشكيلي يمني اضطر للانتقال إلى الأردن بحثاً عن متنفس فني.
تفيد التقارير بأن الأسباب الكامنة وراء هذا التدهور مرتبطة مباشرة بالصراعات المستمرة والسيطرة على الفضاء العام، بالإضافة إلى النقص الحاد في التمويل الحكومي للقطاعات الثقافية. أحد الخبراء أشار إلى أن "الظروف الحالية في صنعاء تجعل من الصعب جداً امتلاك الأمل في استعادة الزخم الثقافي القديم." ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال موجوداً لدى بعض المثقفين الذين يعتقدون أن الأمر يشبه فترات الانحسار الثقافي في روما في العصور الوسطى.
تتجلى التأثيرات المدمرة لهذا الوضع في الحياة اليومية للسكان، خاصة للأطفال والشباب الذين باتوا محرومين من أي فرص حقيقية للتعبير عن أنفسهم. وإذا استمرت الأوضاع على هذا النحو، فسيكون هناك خطر حقيقي على الأجيال القادمة. أحد الناشطين الثقافيين يحذر قائلاً: "إن لم نتخذ خطوات عاجلة للحفاظ على التراث الثقافي، فسنفقد جزءاً كبيراً من هويتنا."
وبينما يبدو المستقبل ضبابياً في ظل هذه الظروف القاسية، تظهر بعض المبادرات الفردية لتقديم الدعم والمساعدة للفنانين والمثقفين من خلال جهود تطوعية تهدف إلى إحياء بعض الأنشطة الثقافية. السؤال الذي يبقى: هل سيعود النشاط الثقافي في صنعاء؟ وما هي الخطوات الواجب اتخاذها لتحقيق هذا الهدف؟