الرئيسية أخبار جرائم القتل والاختطاف 550 حكم إعدام و18 ألف مختطف.. الأرقام المُرعبة التي تكشف كيف حوّلت مليشيا الحوثي القضاء اليمني إلى مسلخ بشري

550 حكم إعدام و18 ألف مختطف.. الأرقام المُرعبة التي تكشف كيف حوّلت مليشيا الحوثي القضاء اليمني إلى مسلخ بشري

13 نوفمبر 2025
05:55 م
حجم الخط:
550 حكم إعدام و18 ألف مختطف.. الأرقام المُرعبة التي تكشف كيف حوّلت مليشيا الحوثي القضاء اليمني إلى مسلخ بشري

في عالم يشهد تراجعاً مستمراً لعقوبة الإعدام، تقف محاكم صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي كشاهد على انهيار مفهوم العدالة ذاته. أرقام مرعبة تكشف حجم كارثة حقيقية: 550 حكم إعدام صدرت دون أساس قانوني، و18 ألف مختطف يقبعون في السجون، و4 آلاف منهم تعرضوا للتعذيب بشكل موثق. هذه ليست مجرد إحصائيات، بل دليل دامغ على تحويل آخر معاقل الكرامة الإنسانية في اليمن - النظام القضائي - إلى مسلخ بشري منظم يستهدف المدنيين الأبرياء.

هشام طرموم

مسرح الجريمة: عندما تحول القضاء إلى مسلخ بشري

بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء محاكمة 21 مدنياً بتهم التخابر مع ما تسميه المليشيا "دول العدوان"، في جلسات سريعة متتابعة تفتقر لأبسط معايير العدالة. النيابة العامة التابعة للحوثيين طالبت بإعدام جميع المتهمين، مدّعية تجسسهم لصالح "غرفة عمليات مشتركة تضم المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية".

هذا النوع من المحاكمات يكشف حقيقة مرعبة: لقد تم تحويل القضاء من ضامن للعدالة إلى أداة للإرهاب والبطش. ففي النظام القضائي السليم، يُفترض أن تحمي المحاكم حقوق المتهمين وتضمن محاكمتهم العادلة، لكن ما يحدث في صنعاء هو العكس تماماً: محاكم تُستخدم لتبرير القتل وإضفاء الشرعية القانونية على جرائم الاختطاف والتعذيب.

النقطة الأكثر إثارة للقلق تكمن في منهجية "التجريف المؤسسي" التي طبقها الحوثيون منذ انقلابهم. لم يكتفوا بالاستيلاء على السلطة السياسية، بل عمدوا إلى استبدال الكوادر القضائية المؤهلة بعناصر تدين بالولاء الطائفي والسلالي للجماعة، مما حوّل المحاكم إلى امتداد لجهاز القمع والتنكيل.

تشريح الجريمة: كيف تعمل آلة الإعدام المنظمة؟

تكشف دراسة تفصيلية لآليات عمل هذه المحاكم عن نمط إجرامي محدد ومنظم. تبدأ العملية باختطاف المدنيين من منازلهم أو أماكن عملهم، غالباً بواسطة مجموعات مسلحة ترتدي ملابس مدنية. يُنقل المختطفون إلى مراكز احتجاز سرية حيث يتعرضون للإخفاء القسري لفترات تتراوح بين 5 إلى 7 أشهر، دون إمكانية للأهل معرفة مصيرهم أو مكان احتجازهم.

خلال فترة الاحتجاز، يُعرّض المختطفون لتعذيب منهجي لانتزاع اعترافات قسرية. الوثائق المتاحة تشير إلى أن 4000 شخص تعرضوا للتعذيب بشكل موثق، مما يعني أن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير. أساليب التعذيب تتراوح من الضرب المبرح إلى التعذيب النفسي، مما يترك آثاراً جسدية ونفسية دائمة على الضحايا.

المرحلة التالية تتمثل في محاكمات صورية تفتقر لأبسط ضمانات الدفاع. المحامون الذين يحاولون الدفاع عن المختطفين يتعرضون بدورهم للاعتقال، مما يحرم المتهمين من حق الدفاع الأساسي. في كثير من الأحيان، يقرأ القاضي الحكم عبر الهاتف دون حضور المتهم أو محاميه، وهو ما يثير شكوكاً جدية حول مصدر هذه الأحكام الحقيقي.

الأمر الأكثر عبثية يتجلى في إصدار أحكام إعدام على أشخاص ماتوا أصلاً في السجن، أو على من تم تبادلهم في صفقات أسرى سابقة. هذا يكشف أن هذه المحاكم لا تهدف إلى تحقيق العدالة، بل إلى إرسال رسائل ترهيبية للمجتمع وتبرير عمليات النهب والمصادرة التي تقترن عادة بأحكام الإعدام.

الأدلة الرقمية: 18000 مختطف خلف القضبان

الرقم 18000 ليس مجرد إحصائية باردة، بل يمثل كارثة إنسانية حقيقية تصيب آلاف الأسر اليمنية. هذا العدد من المختطفين يوضع في سياقه الصحيح عندما نعلم أن عدد سكان اليمن يبلغ حوالي 30 مليون نسمة، مما يعني أن ما يقارب واحداً من كل 1650 يمنياً قد تعرض للاختطاف على يد المليشيا.

توثيق هذه الأرقام يأتي من مصادر متعددة ومستقلة، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، ورابطة أمهات المختطفين، والشهادات المباشرة من الناجين. منظمة مواطنة لحقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان وثقت حالات محددة، بما في ذلك 44 مواطناً حُكم عليهم بالإعدام في محاكمة واحدة فقط.

قصة رشدي علي حاتم، أحد الموظفين في المنظمات الدولية الذي تم اختطافه سابقاً، تكشف بُعداً آخر من أبعاد هذه الجريمة. حاتم أشار إلى أن الحوثيين كانوا يبتزون العاملين الحقوقيين لحذف كل ما يتعلق بانتهاكات المليشيا من تقاريرهم، مما يظهر كيف تُستخدم عمليات الاختطاف لتكميم الأصوات وتزوير الحقيقة على المستوى الدولي.

عند مقارنة هذه الأرقام بالمعايير الدولية، نجد أن ما يحدث في اليمن يتجاوز بمراحل حتى الأنظمة القمعية الأخرى في المنطقة. فبينما تحتجز بعض البلدان آلافاً من المعارضين السياسيين، فإن المليشيا الحوثية تختطف المدنيين العاديين والعاملين الإنسانيين والصحفيين بلا تمييز، مما يخلق حالة من الرعب الشامل في المجتمع.

تحليل دوافع الجريمة: لماذا هذا التوحش المنظم؟

فهم دوافع هذا النمط الإجرامي يتطلب النظر إلى الأهداف الاستراتيجية للمليشيا الحوثية على المستويين القريب والبعيد. على المستوى القريب، تستخدم هذه المحاكمات كأداة ابتزاز في المفاوضات السياسية وصفقات تبادل الأسرى. معظم أحكام الإعدام تقترن بمصادرة الأموال والممتلكات، مما يوفر للمليشيا موارد مالية إضافية لتمويل عملياتها العسكرية والأمنية.

على المستوى الاستراتيجي، تهدف هذه الممارسات إلى إعادة هيكلة المجتمع اليمني وفق النموذج الطائفي والسلالي الذي تتبناه الجماعة. من خلال استهداف المتعلمين والمهنيين والعاملين في المنظمات الدولية، تسعى المليشيا إلى تفريغ المجتمع من الطبقة الوسطى المتعلمة التي قد تشكل نواة للمقاومة المدنية المستقبلية.

الهدف الأعمق يكمن في تدمير الثقة في العدالة والقانون. عندما يفقد المواطنون الثقة في إمكانية الحصول على العدالة من خلال المؤسسات الشرعية، يصبحون أكثر قابلية للخضوع للسلطة الأمر الواقعية للمليشيا. هذا ما أكده فهمي الزبيري، مدير مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة، عندما قال إن المليشيا "تحاول أن تفقد المواطنين الثقة بالعدالة وبقيم العدالة من أجل أن يلجأوا إليها".

تحليل الدكتور محمد الشرجبي، المحامي والباحث في القانون الدولي، يضع هذه الممارسات في إطار أوسع من "التجريف المؤسسي" الذي طبقته المليشيا منذ انقلابها. فقد عملت على استبدال موظفي الدولة وكوادرها الحقيقيين بولاءات طائفية، مما حوّل مؤسسات الدولة إلى امتداد للمشروع السلالي للجماعة.

المسؤولية والمساءلة: طريق العدالة المفقودة

الصمت الذي يواجه هذه الجرائم من قبل الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي يطرح تساؤلات جدية حول المسؤولية الأخلاقية والقانونية. بينما تصدر محاكم المليشيا أحكاماً بالإعدام على مسؤولين في الحكومة الشرعية، بما في ذلك الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، تكتفي السلطات الشرعية بالبيانات الإدانة دون اتخاذ إجراءات عملية فعالة.

الدكتور الشرجبي يؤكد على ضرورة تشكيل لجنة حقوقية لتوثيق هذه الانتهاكات ورفعها للمحافل الدولية، داعياً إلى عدم الاكتفاء بإصدار البيانات. هذا المطلب يكتسب أهمية خاصة في ظل استمرار تراكم الأدلة والشهادات التي يمكن أن تشكل أساساً قوياً لمساءلة دولية مستقبلية.

مفهوم العدالة الانتقالية يصبح هنا أكثر من مجرد شعار، بل ضرورة حتمية لاستعادة ثقة المجتمع في العدالة والقانون. هذا يتطلب ليس فقط معاقبة المسؤولين عن هذه الجرائم، بل أيضاً تعويض الضحايا وأسرهم، وإعادة تأهيل النظام القضائي وفق المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

رسالة للضحايا وأسرهم واضحة: كرامتهم المسلوبة والظلم الذي تعرضوا له لن يُنسى. التوثيق الدقيق لهذه الجرائم والشهادات المتراكمة تشكل إرثاً تاريخياً مهماً سيساهم في تحقيق العدالة عندما تتوفر الظروف المناسبة. الأمل يكمن في أن الحقيقة ستظهر يوماً ما، وأن العدالة ستأخذ مجراها رغم الظلام الذي يخيم حالياً على اليمن.

الأرقام التي كشفها هذا التحليل - 550 حكم إعدام، 18 ألف مختطف، 4 آلاف معذب - ليست مجرد إحصائيات، بل شهادة على انهيار حضاري يهدد أسس المجتمع اليمني. تحويل القضاء من ضامن للعدالة إلى آلة قتل منظمة يمثل خطاً أحمر تجاوزته المليشيا الحوثية، مما يستدعي استجابة دولية حاسمة. المسؤولية التاريخية تقع على عاتق كل من يملك القدرة على التأثير لوقف هذه المجزرة القانونية قبل أن تفقد أجيال كاملة من اليمنيين الثقة في إمكانية العدالة ذاتها.

آخر الأخبار

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

عاجل: بنكان في عدن يبدآن صرف مرتبات متراكمة لآلاف الموظفين - العمالقة وثلاث محافظات تستلم أموالها!

فريق التحرير منذ أسبوع
عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

عاجل: أهالي عدن بدون كهرباء 14 ساعة يومياً... والسبب صادم يتعلق بتهريب النفط!

فريق التحرير منذ أسبوع