في ظل حالة مروعة تلهب الأوضاع الاقتصادية في اليمن، تجد العاصمة صنعاء نفسها غارقة في أزمة تشتد كل يوم. بصورة صادمة، يدفع المواطنون في صنعاء 1095 ريال إضافي لكل دولار واحد مقارنة بعدن، مما يعكس هوة اقتصادية عميقة تتسع يوماً بعد يوم. كل دقيقة تمر تعني ضياع المزيد من القوة الشرائية، ويدق الخطر أبوب صنعاء بصوت عالٍ.
تتوالى الكوارث الاقتصادية في اليمن، حيث أظهرت الأسعار المنشورة اليوم أن الدولار الأمريكي يباع بـ 1632 ريال في عدن بينما يستقر عند 522 في صنعاء، ما يعني أن الفارق يعادل راتب موظف حكومي لمدة شهرين كاملين. يقول أحد سكان صنعاء اليائسين: "لا يمكن أن نعيش هكذا... أطفالنا يتضورون جوعاً"، بينما تبيع الأسر ممتلكاتها من أجل تحصيل قوت يومها.
تعود أسباب هذه الأزمة المتفاقمة لتعود إلى العام 2014، إذ شهدت اليمن تدهوراً اقتصادياً تصاعد مع حرب لا تبدو لها نهاية قريبة، مما أدى إلى انهيار هيكلي للبنك المركزي في البلاد ونقص حاد في العملات الصعبة. الخبراء يقارنون الأزمة الحالية بأزمة لبنان 2019 ولكن بصورة أقسى، ومع ذلك، يقول د. محمد الهاشمي، الخبير الاقتصادي: "نحن أمام انهيار اقتصادي شامل إذا لم يتخذ الإجراء المناسب فوراً".
تمتد المعاناة لتطال الحياة اليومية بشكل غير مسبوق، حيث تنحصر العائلات في صنعاء في تناول وجبة واحدة فقط يومياً، بينما يضطر الأطفال لترك مدارسهم بسبب عدم قدرة أسرهم على تحمل التكاليف. يتنبأ المراقبون بتحركات اجتماعية هائلة للهرب من تلك الأزمة، وسط تحذيرات بخطر المجاعة الحقيقية ما لم يتم اتخاذ إجراء عاجل.
في الختام، تتضح الصورة القاتمة للاقتصاد اليمني الذي ينقسم كالفسيفساء، هشّ ومتمزق، في جوهره، بين عدن وصنعاء، بينما يتصاعد النداء لتدخل دولي يضع حداً لهذا التفتت الاقتصادي، ويبقى السؤال: هل نشهد بلدًا عربيًا يعود لنظام المقايضة في القرن الحادي والعشرين؟