في صدمة جديدة تهز الاقتصاد اليمني، وصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 535 ريالاً يمنياً صباح اليوم الإثنين، مسجلاً رقماً قياسياً يعكس انهياراً مدوياً للعملة المحلية. في 11 سنة فقط، خسر الريال اليمني أكثر من 60% من قيمته، وكأن نصف ثروة كل يمني تبخرت في الهواء. بينما تقرأ هذه الكلمات، قد يكون السعر قد ارتفع مرة أخرى، في مأساة اقتصادية حقيقية تطحن حياة ملايين اليمنيين.
وصول الدولار إلى 535 ريالاً يعني أن العائلة اليمنية تحتاج الآن حقائب من النقود لشراء احتياجاتها البسيطة. أم محمد، ربة بيت من صنعاء، تروي معاناتها: "كنت أشتري دواء طفلي بـ 215 ريال، واليوم أحتاج 535 ريال للدولار الواحد فقط." الريال السعودي وصل إلى 140.10 ريال يمني، مما يعني أن القوة الشرائية للريال السعودي تساوي 140 ضعف الريال اليمني. هامش ربح الصرافين وصل إلى ريالين للدولار الواحد، محققين مكاسب يومية ضخمة وسط معاناة الشعب.
هذا الانهيار ليس وليد اللحظة، بل نتيجة مسار مدمر بدأ منذ 2014 عندما كان الدولار يساوي 215 ريالاً فقط. الحرب الدائرة، انقسام البنك المركزي، نقص العملة الصعبة، وتوقف الصادرات، كلها عوامل دفعت الريال اليمني إلى انهيار يشبه الانهيار الجليدي - يبدأ بطيئاً ثم يسرع حتى يدمر كل شيء في طريقه. د. علي الاقتصادي، محلل أسواق المال، يحذر: "الريال اليمني في انهيار حر والحل يحتاج استقرار سياسي فوري." خبراء يقارنون الوضع بأزمات عملات عالمية مشابهة شهدتها لبنان وتركيا وفنزويلا.
التأثير المدمر لهذا الانهيار يضرب الحياة اليومية لملايين اليمنيين بلا رحمة. أسعار الخبز والدواء والوقود ترتفع بشكل جنوني، والموظفون والمتقاعدون يشاهدون رواتبهم تتآكل أمام أعينهم. سالم المغترب في السعودية يراقب الأسعار بقلق شديد: "راتب شهر كامل لا يكفي لإعالة أسرتي أسبوعين." التوقعات تشير إلى مزيد من الفقر والجوع، هجرة الكفاءات، وانهيار الخدمات الأساسية. أحمد الصراف يحقق أرباحاً من فروقات الأسعار، بينما الأغلبية الساحقة تغرق في دوامة الفقر المتزايد.
535 ريال للدولار الواحد يعني كارثة اقتصادية حقيقية تطحن الشعب اليمني دون توقف. المستقبل يبدو مجهولاً ومخيفاً ما لم تتوقف الحرب وتتوحد المؤسسات النقدية، وعلى المواطنين حماية أنفسهم بتحويل مدخراتهم لعملات صعبة أو الذهب. السؤال المؤرق الذي يطارد كل يمني: كم سيصل سعر الدولار غداً؟ وهل سيبقى للريال اليمني قيمة في المستقبل القريب؟
