في تطور صادم يكشف عمق المأساة الاقتصادية في اليمن، سجلت أسعار الذهب فروقات خيالية تصل إلى 299% بين صنعاء وعدن، حيث يكلف جرام الذهب عيار 21 في عدن ما يكفي لشراء ثلاثة جرامات كاملة في صنعاء. هذا التفاوت الجنوني، الذي يصل إلى 127 ألف ريال للجرام الواحد، يحول حلم العرائس اليمنيات إلى كابوس حقيقي، ويطرح سؤالاً مؤلماً: هل تشتري من المكان الخاطئ وتخسر ثروة كاملة؟
الأرقام تحكي قصة مأساوية تفوق الخيال: بينما يُباع جرام الذهب عيار 21 في صنعاء بسعر يتراوح بين 62-64.5 ألف ريال، يقفز السعر في عدن إلى مستويات فلكية تتراوح بين 185-202 ألف ريال. علي الحداد، تاجر ذهب يستغل هذا التفاوت الجنوني، يروي بفخر: "أشتري من صنعاء وأبيع في عدن، أحقق أرباحاً لم أحلم بها في حياتي". بينما تبكي أم محمد من صنعاء: "كنت أدخر لطقم ذهب لابنتي العروس، لكن حتى الأسعار 'المنخفضة' في صنعاء أصبحت فوق طاقتنا".
هذا التفاوت الصادم ليس وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات مدمرة للحرب الأهلية التي مزقت النسيج الاقتصادي اليمني. الانقسام السياسي بين مناطق سيطرة الحوثيين في الشمال والحكومة المعترف بها دولياً في الجنوب، أدى إلى انقسام اقتصادي حاد يشبه ما عاشته بيروت خلال الحرب الأهلية اللبنانية. د. عبدالله المالكي، خبير اقتصادي يمني، يحذر: "نحن أمام كارثة اقتصادية حقيقية، حيث تحولت العملة الواحدة إلى عملتين مختلفتين القيمة بين الشمال والجنوب".
النتيجة المدمرة تطال كل بيت يمني: عائلات تؤجل الأفراح، وعرائس يبكين أحلامهن المحطمة. حسن العامري، موظف في عدن، يروي مأساته: "أردت شراء طقم ذهب بسيط لشقيقتي قبل زفافها، لكن الأسعار هنا تفوق راتبي لستة أشهر". الأسواق تشهد مشاهد مؤلمة: أمهات يمسكن بالذهب بأيديهن المرتجفة، يحلمن بشرائه، ثم يتركنه باكيات عاجزات. هذا الوضع المأساوي يعيد تشكيل التقاليد الاجتماعية اليمنية، حيث تتحول المناسبات من احتفالات فرح إلى مناسبات حزن اقتصادي.
بينما يحتفظ الذهب بقيمته العالمية عند 4,244 دولار للأوقية، يغرق اليمن في دوامة اقتصادية لا تنتهي. الخبراء يرسمون سيناريوهات قاتمة: إما حل سياسي ينقذ الاقتصاد، أو انهيار كامل يحول الذهب إلى حلم مستحيل لأجيال قادمة. السؤال الذي يحرق القلوب: إلى متى سيتحمل الشعب اليمني هذا النزيف الاقتصادي الذي يسرق أحلامه وتقاليده؟