في تطور مفاجئ أعاد الأمل لآلاف اليمنيين، سجلت أسواق الذهب في عدن استقراراً نادراً لأول مرة منذ شهور من التقلبات المرهقة، حيث وصل سعر عيار 21 إلى 200 ألف ريال للبيع و192 ألف للشراء. 235 ألف ريال يمني - هذا ما يساويه الجنيه الذهبي الواحد اليوم، رقم يعادل راتب موظف حكومي لعام كامل! لأول مرة منذ شهور طويلة، نام تجار الذهب في عدن مطمئنين دون قلق من مفاجآت الصباح، في فرصة ذهبية قد لا تتكرر قريباً.
شهدت أسواق المعدن الأصفر في العاصمة الجنوبية هدوءاً مذهلاً بعد أشهر من التقلبات العنيفة التي حولت التجارة إلى مقامرة محفوفة بالمخاطر. فارق 8 آلاف ريال فقط بين سعري الشراء والبيع يعكس ثقة متزايدة في السوق، مقارنة بفوارق وصلت لـ20 ألف ريال في فترات سابقة. أحمد الصائغ، صاحب محل مجوهرات في كريتر، يروي بابتسامة عريضة: "كأنما خرجنا من نفق مظلم إلى ضوء الاستقرار، الزبائن عادوا يسألون عن المجوهرات بدلاً من الهروب من المحلات خوفاً من التقلبات." محمد العدني، الذي اضطر لبيع ذهب زوجته الشهر الماضي بأسعار منخفضة، ينظر بحسرة للأسعار المستقرة اليوم.
يعود هذا الاستقرار المفاجئ إلى عوامل متداخلة أهمها ثبات أسعار الصرف، حيث تراوح سعر الدولار بين 1,617-1,632 ريال والريال السعودي بين 425-428 ريال، مما وفر قاعدة صلبة لتسعير الذهب. د. علي السقاف، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "استقرار أسعار الصرف هو العمود الفقري لأي استقرار في أسعار السلع، وما نشهده اليوم يذكرنا بفترات الازدهار في السبعينات." السعر العالمي البالغ 4,211 دولار للأوقية ساهم أيضاً في دعم هذا الاستقرار، مقارنة بتقلبات عنيفة شهدتها الأسواق العالمية في الأشهر السابقة.
تأثير هذا الاستقرار وصل لحياة المواطنين اليومية، حيث أصبح بإمكان الأسر التخطيط لمناسباتها دون خوف من مفاجآت مؤلمة في الأسعار. فاطمة أحمد، التي احتفظت بمجوهراتها رغم الضغوط المالية، تشعر الآن بالراحة: "كنت أخشى أن أفقد مدخرات العمر، لكن الصبر أثمر والآن أشعر بالأمان." عودة حفلات الزفاف والمناسبات التي تأجلت لشهور بدأت تلوح في الأفق، مع توقعات بانتعاش تدريجي لتجارة المجوهرات. التجار يحذرون من أن الفرصة ذهبية لكن الحذر واجب، فالأسواق لا تزال حساسة لأي تغيرات خارجية.
الأسابيع القادمة ستحدد مصير هذا الاستقرار النادر - هل سيتحول لنمط دائم أم أنه مجرد هدنة قصيرة؟ الخبراء ينصحون بالاستفادة من الفرصة بحكمة، مع ضرورة متابعة الأسعار يومياً وتنويع الاستثمارات. السؤال الذي يؤرق الجميع: هل سيستمر هذا الهدوء الذهبي، أم أنها مجرد هدنة قصيرة قبل عاصفة جديدة تعيد اليمنيين لكابوس التقلبات المرهقة؟