في مشهد يُدمي القلب، يواصل مئات الإعلاميين اليمنيين العمل منذ 270 يوماً دون أن يستلموا ريالاً واحداً - فترة أطول من الحمل الطبيعي! هؤلاء الأبطال الذين يصنعون الأخبار يومياً لا يملكون ثمن رغيف خبز لأطفالهم، في أزمة إنسانية صارخة تهدد بانهيار الإعلام الحكومي اليمني نهائياً خلال الأسابيع القادمة.
أحمد محمد، مذيع إذاعي وأب لثلاثة أطفال، يروي معاناته: "أمشي 5 كيلومترات يومياً للوصول إلى العمل لأنني لا أملك أجرة المواصلات". هذا المشهد المؤلم يتكرر مع مئات الزملاء الذين يعيشون ظروفاً إنسانية بالغة الصعوبة منذ توقف رواتبهم الحكومية للشهر التاسع على التوالي. فاطمة علي، مراسلة صحفية شجاعة، اضطرت لبيع مجوهراتها الذهبية لتطعم أطفالها وتواصل تغطية الأخبار بمهنية مذهلة.
جذور هذه المأساة تمتد إلى عامين من عدم انتظام صرف الرواتب، نتيجة الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعصف باليمن منذ 2014. الدكتور عبدالله السلمي، الخبير الاقتصادي، يحذر: "نحن أمام كارثة حقيقية تشبه ما حدث للإعلام في العراق أثناء الحصار الاقتصادي". هذا الصمود الأسطوري للإعلاميين، رغم المعاناة، أقوى من عواصف الصحراء اليمنية، لكنه لن يدوم إلى الأبد.
زينب حسن، زوجة مصور صحفي، تصف الواقع المرير: "أقترض المال لشراء الدواء لطفلي المريض، بينما زوجي يواصل عمله كالنحل الذي يصنع العسل بلا أجر". هذه المعاناة الصامتة تهدد بفقدان اليمن لآخر مصادر الأخبار الموثقة، وقد نشهد قريباً
- هجرة جماعية للكفاءات الإعلامية
- توقف كامل للخدمات الإعلامية الحكومية
- سيطرة أطراف الصراع على السردية الإعلامية
- انتشار المعلومات المضللة بشكل خطير
اليوم، وقف هؤلاء الأبطال صرخة أخيرة أمام العالم، مطالبين مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الحكومة بالتدخل العاجل قبل أن ينطفئ آخر صوت إعلامي حر في اليمن. السؤال المصيري الآن: هل ستتحرك الحكومة لإنقاذ ما تبقى من الإعلام الرسمي، أم ستصمت حتى يدفن آخر مذيع في اليمن ميكروفونه إلى الأبد؟