في تطور صادم هز الشارع اليمني، كشفت أسعار صرف اليوم عن فارق مدمر يتجاوز 204% بين قيمة نفس العملة الأجنبية في عدن وصنعاء. ففي حين يحتاج المواطن في عدن إلى 1633 ريالاً يمنياً لشراء دولار واحد، يستطيع نظيره في صنعاء الحصول عليه مقابل 540 ريالاً فقط! هذا التباين الجنوني يعني أن كل ساعة تأخير في فهم هذا الوضع تترجم إلى خسائر فادحة تطال جيوب الملايين من اليمنيين.
الأرقام التي أعلنتها أسواق الصرافة اليوم تكشف عن مأساة حقيقية: الريال السعودي يُباع في عدن بـ 428 ريالاً يمنياً، بينما يُباع في صنعاء بـ 140.5 ريال فقط - فارق مذهل يبلغ 287 ريالاً يمنياً! أحمد المطري، موظف حكومي من عدن، يصف صدمته: "كيف يمكن أن تكون نفس العملة لها قيمتان مختلفتان في بلد واحد؟ راتبي الشهري لا يساوي شيئاً الآن!" هذا التباين الكارثي يضع اليمن في مواجهة انهيار اقتصادي لم تشهد المنطقة مثيله منذ عقود.
جذور هذه الأزمة المدمرة تعود إلى الانقسام السياسي الذي ضرب اليمن منذ 2015، حيث أدى وجود بنكين مركزيين منفصلين إلى خلق اقتصادين منفصلين داخل البلد الواحد. الخبراء يشبهون الوضع بانقسام ألمانيا الشرقية والغربية، لكن هذه المرة داخل حدود دولة واحدة. د. علي الاقتصادي، الخبير المالي اليمني، يحذر: "نحن أمام كارثة اقتصادية حقيقية. هذا التباين يهدد بتدمير ما تبقى من الوحدة الاقتصادية للبلد نهائياً."
في محلات عدن، تتردد أصوات أجهزة عد النقود وسط ضجيج المواطنين المتجمعين حول شاشات الأسعار، بينما تنتشر رائحة الأوراق النقدية المهترئة من كثرة التداول اليائس. فاطمة التاجرة، صاحبة محل في عدن، تشكو بحرقة: "لا أستطيع تحديد أسعار بضائعي بعد الآن. العملة تنهار كل يوم، والزبائن يفرون." المشهد نفسه يتكرر في صنعاء، لكن بأرقام مختلفة تماماً، مما يخلق حالة من الفوضى الاقتصادية التي تدفع بعض المواطنين للتفكير في الهجرة أو التخلي عن الريال اليمني نهائياً لصالح العملات الأجنبية.
مع استمرار هذا التباين المدمر، يقف اليمن على حافة انهيار اقتصادي شامل قد يمحو ما تبقى من قيمة العملة الوطنية. الحل الوحيد يكمن في توحيد فوري للسياسة النقدية، لكن هل ستتمكن القيادات السياسية من تجاوز خلافاتها قبل أن يفقد الريال اليمني آخر بريق له؟ السؤال الأهم: كم من الوقت يحتاجه الاقتصاد اليمني قبل الانهيار الكامل، وهل سيجد المواطن اليمني العادي مخرجاً من هذه الدوامة المالية المدمرة؟