بعد 540 يوماً من الحرب المدمرة، بصيص أمل يشق ظلام السودان لـ90 يوماً قادمة. في خطوة وصفت بأنها تاريخية، أعلنت قوات الدعم السريع عن هدنة من طرف واحد لمدة ثلاثة أشهر، مبدية نية لإنهاء العنف الذي مزق البلاد. لأول مرة منذ أكثر من عام ونصف، قد يسمع أطفال السودان صوت الضحك بدلاً من دوي المدافع، حيث إن ثلاثة أشهر فقط قد تحدد مصير 45 مليون سوداني بين السلام أو الحرب الشاملة.
جاء الإعلان المفاجئ عن الهدنة الإنسانية من قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، التي أعلنت توقف عملياتها القتالية لمدة تسعين يوماً، وأن هذه الخطوة تأتي بدون شروط مسبقة. في ظل الأرقام الصادمة التي تكشف عن 18 شهراً من الاقتتال، وتسببه في نزوح ما يزيد عن 6 ملايين شخص، قال د. عبدالله الحسن، خبير السياسات الأفريقية: 'هذه الهدنة قد تكون النافذة الأخيرة للسلام'. بينما تعود الحياة تدريجياً إلى الشوارع الخالية، تمكن المستشفيات من استقبال الجرحى بحرية، وبدأت المدارس في محاولة فتح أبوابها مجدداً.
منذ إبريل 2023، شهدت البلاد تصاعداً مستمراً للعنف بعد انهيار كافة محاولات وقف إطلاق النار. الأزمة الإنسانية الكارثية والضغط الدولي المتزايد دفع بالأطراف إلى النظر جدياً في خيارات السلام. بالمقارنة مع الخسائر الفادحة والاتفاقيات السابقة الفاشلة، تظل توقعات الخبراء متباينة بين التفاؤل الحذر والتشاؤم الواقعي حول فرص نجاح الهدنة.
تميز هذا التطور بإمكانية عودة ملايين النازحين، واستئناف الأنشطة التجارية الحيوية، وعودة الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات. وبينما يرى البعض في الهدنة فرصة ذهبية يجب اغتنامها، حذر الآخرون من احتمال عودة القتال إن فشلت المبادرة. رحب المجتمع الدولي بهذه الخطوة الحذرة، فيما تظل مشاعر الشك الشعبية مبررة بظل تحركات الجيش السوداني الحذرة.
تلخص الهدنة الجديدة بأنها خطوة مهمة على طريق السلام وسط حرب مدمرة دامت 18 شهر. ومع نظرة إلى المستقبل، يبقى السؤال قائماً: هل ستكون هذه الأشهر الثلاثة بداية تعافي السودان... أم مجرد هدوء مؤقت قبل عاصفة أشد؟ لتحقيق سلام دائم، يتطلب الأمر دعماً دولياً وإقليمياً قوياً لتحويل هذه الهدنة إلى نهاية للصراع، أم أن الفشل سيعيدنا إلى دائرة جديدة من العنف والدمار؟