في تطور صادم، 48 ساعة فقط كانت كافية لإجبار قوة عسكرية مدججة بالسلاح على الانسحاب من أمام منازل مواطنين عزل في اليمن. في زمن تتساقط فيه الحكومات أمام الدبابات، نجحت قبيلة يمنية في إجبار جيش على التراجع بالكلمة فقط. الآن، والقوات تعيد انتشارها في مواقع جديدة، يتساءل الجميع: هل هذا انتصار للديمقراطية أم بداية لفوضى أكبر؟
انسحبت قوات الحملة الأمنية التابعة للمقاومة الوطنية من نقاط تمركزها في منطقة حَنّة بمديرية الوازعية، بعد أيام من التوتر والضغوط القبلية. زادت حدة القلق بين السكان بعد تمركز هذه القوات لعدة أيام، حيث شهدت المنطقة حصارًا نفسيًا انعكس بصورة فورية على حياة الناس اليومية. أفاد مواطن محلي، "كنا نخاف على أطفالنا، الدبابات كانت أمام بيوتنا مباشرة". مع إصغاء الأطراف لمناشدات الوسطاء، تم إعادة نشر القوات بعيدًا عن المناطق المأهولة.
الحدث انطلق بعد حادثة عنيفة، حيث نهب مسلحون قبليون معدات منظمة "أدرا" الإنسانية، مما دفع المقاومة الوطنية للتحرك عسكريًا. في ظل توترات تاريخية بين السلطات والقبائل، تصاعدت حدة المواجهات لتعيد إلى الأذهان سيناريوهات مماثلة في محافظات أخرى. يرى محللون أن الحل لا يكمن في العمل العسكري، بل في التفاوض والحلول السلمية.
مع انسحاب القوات، بدأت الحياة تعود تدريجيًا للمواطنين، حيث عاود الأطفال اللعب في الشوارع وفتحت المحلات التجارية أبوابها مرة أخرى. مع ذلك، يبقى الخوف حاضرًا من انسحاب المنظمات الإنسانية، في حين يعيد القبائل تقييم قوتها الذاتية في مواجهة الضغوط. الوجهاء المحليون يحتفلون بانتصار الكلمة، بينما يستشعر القادة العسكريون الإحباط.
انسحاب عسكري مفاجئ تحت ضغط الإرادة الشعبية يشكل نموذجًا يتكرر في اليمن المعاصر، ولكن السؤال الذي يظل في الأفق: هل ستتعلم السلطات درس التفاوض أولاً، أم ستعود بقوة أكبر؟ على الرغم من الانسحاب الحالي، يلزم إيجاد وسائل فعالة للتواصل والحوار بين السلطات والمجتمعات المحلية لضمان استقرار دائم. والسؤال الأن: هل ما نراه هو انتصار للديمقراطية الشعبية، أم بداية لانهيار أكبر لهيبة الدولة في اليمن؟
