كل 23 دقيقة، تُجبر أسرة يمنية على ترك كل شيء والهروب إلى المجهول. في خبر عاجل، أفادت التقارير أن أكثر من 5 آلاف يمني اضطروا للفرار من منازلهم خلال الربع الثالث من هذا العام. نصف النازحين الجدد لجؤوا إلى محافظة واحدة تحوي أصلاً أكبر تجمع للنازحين في العالم. مع اقتراب الشتاء، قد تتحول مأساة النزوح إلى كارثة بقاء.
في تقرير مؤلم كشفت عنه منظمة الهجرة الدولية، نزح 5,730 شخصاً خلال ثلاثة أشهر فقط، بمعدل أسرة كل ساعة ونصف. تم تسجيل 955 أسرة نازحة تتوزع على 151 موقعاً، حيث أن 46% منها في مأرب المنكوبة. "هذه المناطق لا تزال تتأثر بشكل كبير بالنزاع المسلح المستمر وانعدام الأمن"، كما أشارت المصادر. العائلات تحمل حياتها في أكياس بلاستيكية، وأطفال لم يعرفوا الاستقرار يشعرون بالخوف والبؤس.
عقد كامل من الحرب حول اليمن إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم، مع أن النزاع المسلح يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية (41%)، إضافة إلى الانهيار الاقتصادي (34%) والكوارث الطبيعية مثل الفيضانات (25%). رغم تراجع النزوح بنسبة 17% عن العام الماضي، إلا أن تحذيرات الخبراء تشير إلى تفاقم الوضع مع دخول الشتاء وموسم الأمطار. هذا الوضع الذي يبدو كأنه مأساة لا نهاية لها، يحمل في طياته مستقبلًا أكثر غموضًا.
إن تأثير النزوح على الحياة اليومية هائل؛ 38% من النازحين يحتاجون مأوى، 27% يطلبون الطعام، و25% يبحثون عن المال فقط للبقاء على قيد الحياة. التضامن الشعبي محدود والمعاناة تتصاعد، مما يزيد الحاجة إلى تكثيف الجهود الدولية. هناك فرصة لتغيير هذا المسار عبر العمل المكثف والدعم الإنساني، ولكن إن استمر التجاهل الدولي، فإن الأمر قد يزداد سوءاً.
في ثلاثة أشهر فقط، أُجبر آلاف اليمنيين على الفرار من بيوتهم، نصفهم لجأ إلى مأرب التي تعاني أصلاً. مع اقتراب الشتاء والموسم المطري، قد تتضاعف أعداد النازحين إذا لم تُتخذ خطوات فورية. الوقت ينفد للتحرك عاجلاً قبل أن تتحول المأساة إلى كارثة. السؤال النهائي يبقى: "كم من الوقت يمكن لليمن أن يستمر في النزيف، وكم من المعاناة يمكن لشعب أن يتحمل؟"
