في تطور مرعب يشهده الشارع اليمني، كشف الفارق الجنوني في أسعار صرف الدولار بين عدن وصنعاء عن فجوة مذهلة تصل إلى 203%! في وضع يشير إلى كارثة نقدية فعلية، تجد راتب الموظف في صنعاء نفسه تلقى ضربة قاسية، حيث ينخفض ليصبح ثلث قيمته بمجرد تحويله لعدن. الأمر لا يحتمل التأخير، فكل ساعة تأخير تعني خسارة المزيد من قيمة أموالك.
حافظ الريال اليمني على استقراره في الظاهر، لكن خلف هذا الاستقرار يكمن طوفان أسعار غير مسبوق يعصف بالأسواق بين المدن اليمنية المختلفة. الدولار يسجل 1617 ريالاً في عدن بينما لا يتجاوز 534 ريالاً في صنعاء في نفس الوقت. وأكد أحد المسؤولين في البنك المركزي: "نبذل قصارى جهدنا لمواجهة المضاربة لكن الوضع خارج عن السيطرة". في قلب هذا الفوضى المالية، تبرز قصة أحمد المقطري، موظف حكومي من صنعاء، الذي يرى راتبه يتلاشى عند انتقاله إلى عدن.
شهد اليمن انقساماً في السوق النقدي لم يسبق له مثيل منذ بداية النزاع، مع عوامل سياسية تقود إلى تعدد السلطات النقدية. السياسات غير الموحدة والسيطرة السياسية أدت إلى نقص في السيولة وساهمت في تكرار سيناريو دول أخرى مزقتها الحروب. وتوقع الخبير الاقتصادي د. عبدالله الحكمي أن يؤدي الوضع إلى انهيار اقتصادي كامل خلال أشهر قليلة.
أثر هذه الفوضى النقدية يمتد إلى حياة المواطن العادي، حيث يعجز الآباء عن شراء الأدوية لأطفالهم بسبب ارتفاع الأسعار، ويتوقع الخبراء توقفاً كاملاً للتجارة بين المحافظات مما ينذر بمجاعة. هناك حاجة ماسة للتدخل الطارئ لمنع كارثة إنسانية، فيما تختلف ردود الأفعال بين غضب شعبي وقلق دولي كبير.
بينما تتفاوض السلطات المحلية والمجتمع الدولي على تدخل فوري، يبقى السؤال الجوهري: هل سيستيقظ العالم قبل أن تتحول اليمن إلى أول دولة بثلاث عملات مختلفة؟ إنقاذ الاقتصاد اليمني يتطلب جهداً جماعياً وقريب الأجل لتجنب كارثة لن يعود منها التعافي بسهولة.