202% - هذا هو الفارق المرعب في قيمة نفس العملة داخل البلد الواحد! في وقت تسوده اضطرابات اقتصادية حادة، يأتي الفارق الصاعق في أسعار الدولار بين عدن وصنعاء ككارثة تاريخية غير مسبوقة. لأول مرة في التاريخ الحديث، دولة واحدة بعملتين مختلفتين تماماً، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي يعيشها اليمن. كل دقيقة تأخير في اتخاذ قرار اقتصادي قد تكلفك ثلث مدخراتك.
فجوة سعرية قياسية تفصل بين عملتين هما في الأصل عملة واحدة، مما يخلق اقتصادين منفصلين تماماً، مع أسعار صرف للدولار تصل إلى 1618 ريالاً في عدن و535 ريالاً فقط في صنعاء. وصف أحد الخبراء الاقتصاديين الوضع بأنه أخطر من أزمة فنزويلا، مبيناً أن عائلات بأكملها تحتاج إلى شنط لحمل راتب يوم واحد، في حين يصرح أحد المواطنين: "أطفالي يجمعون النقود كالأوراق".
وراء هذه الأزمة يكمن انقسام اقتصادي يعكس الانقسام السياسي المستمر منذ 2014. الأسباب عديدة ومتنوعة من حرب طويلة وحصار إلى تضخم جامح، مما يجعل الوضع أكثر خطورة من أزمة لبنان 2019 وإن كان يشبه انهيار الليرة التركية لكن بوتيرة أسرع. ويتوقع الخبراء أنه إذا لم يتم اتخاذ إجراء خلال 3 أشهر، فقد نشهد انهياراً كاملاً للعملة.
يوميات المواطنين تحكي قصة مريرة، إذ يحتاج الشخص في عدن إلى 50 ألف ريال لشراء كيلو سكر واحد. النتائج المتوقعة تشمل موجة جوع وهجرة جماعية وانهيار الخدمات العامة. بينما يحذر الخبراء من خطر انهيار اجتماعي شامل، يرون فرصة للاستثمار في الذهب كملاذ آمن. ردود الأفعال تتراوح من غضب شعبي وقلق دولي إلى تحذيرات أممية.
أزمة عملة تاريخية تهدد بتدمير ما تبقى من الاقتصاد اليمني. السباق مع الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الانهيار التام. على المواطنين حماية مدخراتهم، وعلى الحكومات التدخل الفوري قبل فوات الأوان. يبقى السؤال الأخير: "هل سيصبح اليمن أول دولة في التاريخ الحديث بلا عملة موحدة؟"